الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (15)

وقوله تعالى : { قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذلكم . . . } [ آل عمران :15 ] .

في هذه الآية تَسْلِيَةٌ عن الدنيا ، وتقويةٌ لنفوسِ تاركيها ، ذَكَر تعالى حالَ الدُّنْيا ، وكَيْف استقر تزيينُ شهواتها ، ثم جاء بالإِنباءِ بخَيْرٍ من ذلك ، هَازًّا للنفُوس ، وجامعاً لها ، لتَسْمَعَ هذا النبأَ المستغْرَبَ النافعَ لِمَنْ عقل ، وأُنَبِّئ : معناه : أُخْبِرُ .

وقوله تعالى : { ورضوان مِّنَ الله } ، الرِّضْوَانُ : مصدر مِنْ رَضِيَ ، وفي الحديث الصحيحِ ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : ( أنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ ، إذا استقروا فِيهَا ، وَحَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ ، قَالَ اللَّهُ لَهُمْ : أَتُرِيدُونَ أنْ أُعْطِيَكُمْ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا ؟ قَالُوا : يَا رَبَّنَا ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ : أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي ، فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ أَبَداً ) هذا سياقُ الحديثِ ، وقد يجيءُ مختلِفَ الألفاظِ ، والمعنى قريبٌ بعضُه من بعض ، قال الفَخْر : وذلك أن معرفة أهْلِ الجَنَّة ، مع هذا النعيم المقيم بأنَّه تعالى راضٍ عنهم ، مُثْنٍ عليهم ، أزيدُ عليهم في إِيجابِ السُّرور ، اه .

وباقي الآية بيِّن ، وقد تقدَّم في سورة البقرة بيانُهُ .