تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{۞قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (15)

{ قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد الذين يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار }

المفردات :

أؤنبكم : الهمزة للاستفهام والمراد منه التنبيه والتشويق إلى ما ينبئهم به والإنباء الإخبار فكأنه يقول إني مخبركم بخبر يستدعي انتباهكم وشوقكم إلى سماعه فاستمعوا إليه .

و أزواج مطهرة : زوجات مطهرة من الأدناس حسية ومعنوية .

و رضوان : الرضوان الرضا العظيم .

التفسير :

15- { قل أؤنبكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار . . . }

بعد ان بين سبحانه زخارف الدنيا وزينتها وذكر ما عنده من حسن المآب إجمالا أمر رسوله بتفصيل ذلك المجمل للناس مبالغة في الترغيب .

و المعنى قل لقومك وغيرهم أأخبركم بخير ما تقدم ذكره من النساء والبنين إلى آخره وجيء بالكلام على صورة الاستفهام لتوجيه النفوس إلى الجواب وتشويقها إليه وقوله خير يشعر بأن تلك الشهوات خير في ذاتها ولا شك في ذلك إذ هي من اجل النعم التي أنعم بها على الناس وإنما يعرض الشر فيها كما يعرض في سائر نعم الله على عباده كالحواس والعقول وغيرها .

ثم أجابهم عن هذا الاستفهام المشوق فقال :

{ للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار . . . }

جعل ما أعد للمتقين من الجزاء على التقوى نوعين :

نوعان جسمانيا نفسيا وهو الجنات وما فيها من الخيرات والأزواج المطهرات .

ونوعا روحيا عقليا وهو رضوان الله تعالى .

قال القاسمي :

و للذين اتقوا خبر المبتدأ الذي هو : جنات .

و تجري صفة لها عند ربهم صفة للجنات في الأصل قدم فانتصب على الحال والعندية مقيدة لكمال علو رتبة الجنات وسمو طبقتها .

{ تجري من تحتها الأنهار } من أنواع الأشربة من العسل واللبن والخمر والماء وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ( 135 ) .

{ خالدين فيها } أي ماكثين فيها ابدا لا يبغون عنها حولا .

{ و أزواج مطهرة } من الدنس والخبث والأذى والحيض وغير ذلك مما يعتري نساء الدنيا .

{ و رضوان من الله } أي يحل عليهم رضوان من الله أكبر هو الفوز العظيم ( التوبة 72 ) .

روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول هل رضيتم ؟ فيقولون ومالنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ؟ فيقول أنا أعطيكم أفضل من ذلك قالوا يا ربنا وأي شيء أفضل من ذلك ؟ يقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا " ( 136 ) .

{ و الله بصير بالعباد } أي عالم بمصالحهم فيجب أن يرضوا لأنفسهم ما اختار لهم من نعيم الآخرة وأن يزهدوا فيما زهدهم فيه من أمور الدنيا .