وإنما لم يذكر المآب القبيح وهو النار لأنها غير مقصودة بالذات لأنه سبحانه خلق الخلق للرحمة لا للعذاب ولهذا قال : " سبقت رحمتي غضبي " ثم بيّن أن ذلك المرجع كما أنه حسن في نفسه فهو أحسن وأفضل من هذه الدنيا . والمقصود أن يعلم العبد أنه كما أن الدنيا أطيب وأفسح من بطن الأم فكذلك الآخرة أفسح وأوسع من الدنيا ، أو لأنه لما عدد نعم الدنيا بين أن منافع الآخرة خير منها فقال مستفهماً على سبيل التقرير { قل أؤنبئكم بخير } أي بشيء هو خير { من ذلكم } الذي عددنا . ثم استأنف بيانه وتقريره فقال : { للذين اتقوا عند ربهم جنات } كما تقول : هل أدلكم على حبر خير من فلان ؟ عندي رجل من صفته كيت وكيت . وبيان الخيرية ظاهر من وصف الجنات والأزواج مع قيد الخلود ، فإن النعمة وإن عظمت ، فتوهم الانقطاع والزوال ينغص صفوها وينقص لذتها ، وبعد زوال هذا الوهم لن يتكامل طيبها إلا بالنساء فبهن يحصل الأنس . ثم وصف الأزواج بصفة واحدة جامعة فقال : { مطهرة } أي من الأقذار والمنفرات . وبعد ذكر تمام النعمة ذكر ما هو فوق التمام فقال : { ورضوان من الله } ويندرج فيه جميع المطالب والمقاصد لأن العبد إذا رضي عنه المولى لم يتصور منصب أجل منه وأعلى ، وكأن المولى وما يملكه للعبد ، كما أن العبد وما يملكه للمولى { ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم }[ التوبة : 72 ] ويحتمل أن يكون اللام في قوله : { للذين اتقوا } متعلقاً بخير . واختص المتقين لأنهم هم المنتفعون به ويرتفع { جنات } على الخبر أي هو جنات ويعضده قراءة بعضهم { جنات } بالجر على البدل من { خير } وذلك أن اللام في هذه القراءة يتعين أن يكون متعلقاً بخير . وقوله : { عند ربهم } يحتمل أن يتعلق بما يتعلق بما تعلق به قوله : { للذين } أي ثبت لهم عند ربهم . ويحتمل أن يكون صفة لخير ، ويحتمل أن يكون من تمام قوله : { اتقوا } فيكون إشارة إلى أن هذا الثواب لا يحصل إلا لمن كان متقياً عند الله تعالى فلا يدخل فيه إلا من كان مؤمناً في علم الله { والله بصير بالعباد } عالم بمصالحهم فيجب أن يرضوا لأنفسهم ما اختار لهم من نعيم الآخرة ، وأن يزهدوا فيما زهدهم فيه من أمور الدنيا ، أو بصير بهم يثيب ويعاقب بحسب الاستحقاق ، أو بصير بالذين اتقوا ربهم وبأحوالهم فلذلك أعدّ لهم الجنات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.