الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{۞قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞ وَرِضۡوَٰنٞ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ} (15)

منتهى الاستفهام عند قوله : " من ذلكم " ، " للذين اتقوا " خبر مقدم ، و " جنات " رفع بالابتداء . وقيل : منتهاه " عند ربهم " ، و " جنات " على هذا رفع بابتداء مضمر تقديره ذلك جنات . ويجوز على هذا التأويل " جنات " بالخفض بدلا من " خير " ولا يجوز ذلك على الأول . قال ابن عطية : وهذه الآية والتي قبلها نظير قوله عليه السلام : ( تنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ودينها فاظفر بذات الدين تربت{[2933]} يداك ) خرجه مسلم وغيره . فقوله ( فاظفر بذات الدين ) مثال لهذه الآية . وما قبل مثال للأولى . فذكر تعالى هذه تسلية عن الدنيا وتقوية لنفوس تاركيها . وقد تقدم في البقرة معاني{[2934]} ألفاظ هذه الآية . والرضوان مصدر من الرضا ، وهو أنه إذا دخل أهل الجنة يقول الله تعالى لهم ( تريدون شيئا أزيدكم ) ؟ فيقولون : يا ربنا وأي شيء أفضل من هذا ؟ فيقول : ( رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبدا ) خرجه مسلم . وفي قوله تعالى : " والله بصير بالعباد " وعد ووعيد .


[2933]:- راجع هامشة 1 ص 29 من هذا الجزء.
[2934]:- راجع جـ1 ص 238 فما بعد.