المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

51- فاستحضر الملك النسوة وسألهن : ماذا كان حالكن حين حاولتن خداع يوسف ليغفل عن عصمته وطهارة نفسه ؟ هل وجدتن منه ميلا إليكن ؟ فأجبنه : تنزه الله عن أن يكون نسى عبده حتى تلوث طهره ، فما لمسنا فيه شيئاً يشين . وحينئذٍ قويت نزعة الخير في نفس امرأة العزيز ، فاندفعت تقول : الآن وضح الحق وظهر . أنا التي خاتَلْته وحاولت فتنته عن نفسه بالإغراء فاستمسك بعصمته ، وأؤكد أنه من أهل الصدق والحق حين رد التهمة علىّ ونسبها إلىّ .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

35

ورجع الرسول فأخبر الملك وأحضر الملك النسوة يستجوبهن - والسياق يحذف هذا لنعلمه مما يليه - :

( قال : ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ؟ ) . .

والخطب : الأمر الجلل والمصاب . فكأن الملك كان قد استقصى فعلم أمرهن قبل أن يواجههن ، وهو المعتاد في مثل هذه الأحوال ، ليكون الملك على بينة من الأمر وظروفه قبل الخوض فيه . فهو يواجههن مقررا الاتهام ، ومشيرا إلى أمر لهن جلل أو شأن لهن خطير :

( ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه ؟ ) .

ومن هذا نعلم شيئا مما دار في حفل الاستقبال في بيت الوزير ؛ ما قالته النسوة ليوسف وما لمحن به وأشرن إليه ، من الإغراء الذي يبلغ درجة المراودة . ومن هذا نتخيل صورة لهذه الأوساط ونسائها حتى في ذلك العهد الموغل في التاريخ . فالجاهلية دائما هي الجاهلية . إنه حيثما كان الترف ، وكانت القصور والحاشية ، كان التخلل والتميع والفجور الناعم الذي يرتدي ثياب الأرستقراطية !

وفي مثل هذه المواجهة بالاتهام في حضرة الملك ، يبدو أنه لم يكن هنالك مجال للإنكار :

( قلن : حاش لله ! ما علمنا عليه من سوء ) !

وهي الحقيقة التي يصعب إنكارها . ولو من مثل هؤلاء النسوة . فقد كان أمر يوسف إذن من النصاعة والوضوح بحيث لا يقوم فيه جدال .

وهنا تتقدم المرأة المحبة ليوسف ، التي يئست منه ، ولكنها لا تستطيع أن تخلص من تعلقها به . . تتقدم لتقول كل شيء في صراحة :

( قالت امرأة العزيز : الآن حصحص الحق . أنا راودته عن نفسه . وإنه لمن الصادقين ) . .

الآن حصحص الحق وظهر ظهورا واضحا لا يحتمل الخفاء :

( أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ) . .

وزادت ما يكشف عن أن قلبها لم يخل من إيثاره ورجاء تقديره والتفاته بعد كل هذا الأمد ؛ وما يشي كذلك بأن عقيدة يوسف قد أخذت طريقها إلى قلبها فآمن :

( ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب ، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ) . .

وهذا الاعتراف وما بعده يصوره السياق هنا بألفاظ موحية ، تشي بما وراءها من انفعالات ومشاعر . كما يشي الستار الرقيق بما وراءه في ترفع وتجمل في التعبير :

( أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ) . .

شهادة كاملة بنظافته وبراءته وصدقه . لا تبالي المرأة ما وراءها مما يلم بها هي ويلحق بأردانها . . فهل هو الحق وحده الذي يدفعها لهذا الإقرار الصريح في حضرة الملك والملأ ؟

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ مَا خَطۡبُكُنَّ إِذۡ رَٰوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفۡسِهِۦۚ قُلۡنَ حَٰشَ لِلَّهِ مَا عَلِمۡنَا عَلَيۡهِ مِن سُوٓءٖۚ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡـَٰٔنَ حَصۡحَصَ ٱلۡحَقُّ أَنَا۠ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ وَإِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (51)

{ قال ما خطبكن } قال الملك لهن ما شأنكن والخطب أمر يحق أن يخاطب فيه صاحبه { إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله } تنزيه له وتعجب من قدرته على خلق عفيف مثله . { ما علمنا عليه من سوء } من ذنب . { قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق } ثبت واستقر من حصحص البعير إذا ألقى مباركه ليناخ قال :

فحصحص في صُمّ الصفا ثفناته *** وناء بسلمى نوأة ثم صمّما

أو ظهر من حص شعره إذا استأصله بحيث ظهرت بشرة رأسه . وقرئ على البناء للمفعول . { أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين } في قوله : { هي راودتني عن نفسي } .