المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

2- فإذا قاربت المطلقات نهاية عدتهن ، فراجعوهن مع حُسن مُعاشرة ، أو فارقوهن من غير مضارة ، وأشهدوا على الرجعة والمفارقة صاحبي عدالة منكم . وأدّوا الشهادة على وجهها خالصة لله . ذلكم الذي أمرتم به يوعظ به مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، ومَن يخف الله فيقف عند أوامره ونواهيه يجعل له مخرجاً من كل ضيق .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

والنفس البشرية قد تستغرقها اللحظة الحاضرة ، وما فيها من أوضاع وملابسات ، وقد تغلق عليها منافذ المستقبل ، فتعيش في سجن اللحظة الحاضرة ، وتشعر أنها سرمد ، وأنها باقية ، وأن ما فيها من أوضاع وأحوال سيرافقها ويطاردها . . وهذا سجن نفسي مغلق مفسد للأعصاب في كثير من الأحيان .

وليست هذه هي الحقيقة . فقدر الله دائما يعمل ، ودائما يغير ، ودائما يبدل ، ودائما ينشئ ما لا يجول في حسبان البشر من الأحوال والأوضاع . فرج بعد ضيق . وعسر بعد يسر . وبسط بعد قبض . والله كل يوم هو في شأن ، يبديه للخلق بعد أن كان عنهم في حجاب .

ويريد الله أن تستقر هذه الحقيقة في نفوس البشر ، ليظل تطلعهم إلى ما يحدثه الله من الأمر متجددا ودائما . ولتظل أبواب الأمل في تغيير الأوضاع مفتوحة دائمة . ولتظل نفوسهم متحركة بالأمل ، ندية بالرجاء ، لا تغلق المنافذ ولا تعيش في سجن الحاضر . واللحظة التالية قد تحمل ما ليس في الحسبان . . ( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) . .

( فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف ، وأشهدوا ذوي عدل منكم ، وأقيموا الشهادة لله . ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر . ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب . ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره . قد جعل الله لكل شيء قدرا ) . .

وهذه هي المرحلة الثانية وهذا هو حكمها . وبلوغ الأجل آخر فترة العدة . وللزوج ما دامت المطلقة لم تخرج من العدة - على آجالها المختلفة التي سبق بيانها - أن يراجعها فتعود إلى عصمته بمجرد مراجعتها - وهذا هو إمساكها - أو أن يدع العدة تمضي فتبين منه ولا تحل له إلا بعقد جديد كالزوجة الجديدة . وسواء راجع أم فارق فهو مأمور بالمعروف فيهما . منهي عن المضارة بالرجعة ، كأن يراجعها قبيل انتهاء العدة ثم يعود فيطلقها الثانية ثم الثالثة ليطيل مدة بقائها بلا زواج ! أو أن يراجعها ليبقيها كالمعلقة ، ويكايدها لتفتدي منه نفسها - وكان كلاهما يقع عند نزول هذه السورة ، وهو ما يزال يقع كلما انحرفت النفوس عن تقوى الله . وهي الضمان الأول لأحكامه في المعاشرة والفراق . كذلك هو منهي عن المضارة في الفراق بالسب والشتم والغلظة في القول والغضب ، فهذه الصلة تقوم بالمعروف وتنتهي بالمعروف استبقاء لمودات القلوب ؛ فقد تعود إلى العشرة ، فلا تنطوي على ذكرى رديئة ، لكلمة نابية ، أو غمزة شائكة ، أو شائبة تعكر صفائها عندما تعود . ثم هو الأدب الإسلامي المحض الذي يأخذ الإسلام به الألسنة والقلوب .

وفي حالتي الفراق أو الرجعة تطلب الشهادة على هذه وذاك . شهادة اثنين من العدول . قطعا للريبة . فقد يعلم الناس بالطلاق ولا يعلمون بالرجعة ، فتثور شكوك وتقال أقاويل . والإسلام يريد النصاعة والطهارة في هذه العلاقات وفي ضمائر الناس وألسنتهم على السواء . والرجعة تتم وكذلك الفرقة بدون الشهادة عند بعض الفقهاء ولا تتم عند بعضهم إلا بها . ولكن الإجماع أن لا بد من الشهادة بعد أو مع الفرقة أو الرجعة على القولين .

وعقب بيان الحكم تجيء اللمسات والتوجيهات تترى :

( وأقيموا الشهادة لله ) . .

فالقضية قضية الله ، والشهادة فيها لله ، هو يأمر بها ، وهو يراقب استقامتها ، وهو يجزي عليها . والتعامل فيها معه لا مع الزوج ولا الزوجة ولا الناس !

( ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ) .

والمخاطبون بهذه الأحكام هم المؤمنون المعتقدون باليوم الآخر . فهو يقول لهم : إنه يعظهم بما هو من شأنهم . فإذا صدقوا الإيمان به وباليوم الآخر فهم إذن سيتعظون ويعتبرون . وهذا هو محك إيمانهم ، وهذا هو مقياس دعواهم في الإيمان !

( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) . .

مخرجا من الضيق في الدنيا والآخرة ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِذَا بَلَغۡنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمۡسِكُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٍ أَوۡ فَارِقُوهُنَّ بِمَعۡرُوفٖ وَأَشۡهِدُواْ ذَوَيۡ عَدۡلٖ مِّنكُمۡ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَٰدَةَ لِلَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ يُوعَظُ بِهِۦ مَن كَانَ يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مَخۡرَجٗا} (2)

فإذا بلغن أجلهن شارفن آخر عدتهن فأمسكوهن فراجعوهن بمعروف بحسن عشرة وإنفاق مناسب أو فارقوهن بمعروف بإيفاء الحق واتقاء الضرار مثل ان يراجعها ثم يطلقها تطويلا لعدتها وأشهدوا ذوي عدل منكم على الرجعة أو الفرقة تبريا عن الريبة وقطعا للتنازع وهو ندب كقوله تعالى وأشهدوا إذا تبايعتم وعن الشافعي وجوبه في الرجعة وأقيموا الشهادة أيها الشهود عند الحاجة لله خالصا لوجهه ذلكم يوعظ به يريد الحث على الإشهاد والإقامة أو على جميع ما في الآية من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فإنه المنتفع به والمقصود بذكره .