المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا} (80)

80- من يطع الرسول فقد أطاع اللَّه ، لأنه لا يأمر إلا بما أمر اللَّه به ، ولا ينهى إلا عما نهى اللَّه عنه . فكانت طاعته في الامتثال والانتهاء طاعة للَّه ، ومن أعرض عن طاعتك فما أرسلناك إلا بشيراً ونذيراً لا حفيظاً ومهيمناً عليهم ، تحفظ عليهم أعمالهم ، إن ذلك لنا لا لك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا} (80)

71

( مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً )

وأمر الناس مع الرسول [ ص ] أن من أطاعه فقد أطاع الله . فلا تفرقه بين الله ورسوله . ولا بين قول الله وقول رسوله . . ومن تولى معرضا مكذبا فأمره إلى الله من ناحية حسابه وجزائه . ولم يرسل الرسول [ ص ] ليجبره على الهدى ، ويكرهه على الدين ، وليس موكلا بحفظه من العصيان والضلال . فهذا ليس داخلا في وظيفة الرسول ؛ ولا داخلا في قدرة الرسول .

بهذا البيان يصحح تصورهم عن حقيقة ما يقع لهم . . فكله لا ينشأ ولا يتحقق إلا بإرادة الله وقدره . وما يصيبهم من حسنة أو سيئة - بأي معنى من معاني الحسنة أو السيئة ، سواء حسب ما يرونه هم في الظاهر ، أو ما هو في حقيقة الأمر والواقع - فهو من عند الله . لأنه لا ينشى ء شيئا ولا يحدثه ولا يخلقه ويوجده إلا الله . . وما يصيبهم من حسنة حقيقية - في ميزان الله - فهو من عند الله ، لأنه بسبب منهجه وهدايته . وما يصيبهم من سيئة حقيقية - في ميزان الله - فهو من عند أنفسهم ، لأنه بسبب تنكبهم عن منهج الله والإعراض عن هدايته . .

والرسول وظيفته الأولى والأخيرة أنه رسول . لا ينشى ء ولا يحدث ولا يخلق . ولا يشارك الله تعالى في خاصية الألوهية هذه : وهي الخلق والإنشاء والإحداث . وهو يبلغ ما جاء به من عند الله ، فطاعته فيما يأمر به إذن هي طاعة لله . وليس هناك طريق آخر لطاعة الله غير طاعة الرسول . والرسول ليس مكلفا أن يحدث الهدى للمعرضين المتولين ، ولا أن يحفظهم من الإعراض والتولي . بعد البلاغ والبيان . .

حقائق - هكذا - واضحة مريحة ، بينة صريحة ؛ تبني التصور ، وتريح الشعور ؛ وتمضي شوطا مع تعليم الله لهذه الجماعة ، وإعدادها لدورها الكبير الخطير . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا} (80)

يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه من أطاعه فقد أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصى الله ، وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سِنَان ، حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ، ومن عصى الأمير فقد عصاني " .

وهذا الحديث ثابت في الصحيحين ، عن الأعمش به{[7923]}

وقوله : { وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا }{[7924]} أي : لا عليك منه ، إن عليك إلا البلاغ فمن تَبِعك سَعِد ونجا ، وكان لك من الأجر نظير ما حصل له ، ومن تولى عنك خاب وخسر ، وليس عليك من أمره شيء ، كما جاء في الحديث : " من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه " {[7925]}


[7923]:رواه البخاري برقم (7137) ومسلم برقم (1835) من طريق يونس بن يزيد عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة به.
[7924]:في ر: "فمن".
[7925]:رواه مسلم في صحيحه برقم (87) من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا} (80)

والمعنى أن الرسول إنما يأمر وينهى بياناً من الله وتبليغاً ، فإنما هي أوامر الله ونواهيه ، وقالت فرقة سبب هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من أحبني فقد أحب الله » فاعترضت اليهود عليه في هذه المقالة ، وقالوا : هذا محمد يأمر بعبادة الله وحده ، وهو في هذا القول مدّع للربوبية ، فنزلت هذه الآية تصديقاً للرسول عليه السلام ، وتبييناً لصورة التعلق بينه وبين فضل الله تعالى ، و { تولى } معناه أعرض ، وأصل { تولى } في المعنى أن يتعدى بحرف ، فنقول تولى فلان عن الإيمان ، وتولى إلى الإيمان لأن اللفظة تتضمن إقبالاً وإدباراً ، لكن الاستعمال غلب عليها في كلام العرب على الإعراض والإدبار ، حتى استغني فيها عن ذكر الحرف الذي يتضمنه ، و { حفيظاً } يحتمل معنيين ، أي ليحفظهم حتى لا يقعوا في الكفر والمعاصي ونحوه ، أو ليحفظ مساوئهم وذنوبهم ويحسبها عليهم ، وهذه الآية تقتضي الإعراض عن من تولى والترك له ، وهي قبل نزول القتال وإنما كانت توطئة ورفقاً من الله تعالى حتى يستحكم أمر الإسلام .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا} (80)

هذا كالتكملة لقوله : { وأرسلناك للناس رسولاً } [ النساء : 79 ] باعتبار ما تضمّنه من ردّ اعتقادهم أنّ الرسول مصدرُ السيّئات التي تصيبهم ، ثم من قوله : { ما أصابك من حَسَنَةٍ فمِنَ الله } [ النساء : 79 ] الخ ، المؤذن بأنّ بين الخالق وبين المخلوق فَرْقا في التأثير وأنّ الرسالة معنَّى آخر فاحترَس بقوله : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } عن توهّم السامعين التفرقة بين الله ورسوله في أمور التشريع ، فأثبت أنّ الرسول في تبليغه إنّما يبلّغ عن الله ، فأمره أمرُ الله ، ونهيُه نهيُ الله ، وطاعتُه طاعةُ الله ، وقد دلّ على ذلك كلّه قولُه : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } لاشتمالها على إثبات كونه رسولاً واستلزامها أنّه يأمر وينهى ، وأنّ ذلك تبليغ لمراد الله تعالى ، فمن كان على بيّنة من ذلك أو كان في غفلة فقد بيّن الله له اختلاف مقامات الرسول ، ومن تولّى أو أعرض واستمرّ على المكابرة { فما أرسلناك عليهم حفيظاً } ، أي حارساً لهم ومسؤولاً عن إعراضهم ، وهذا تعريض بهم وتهديد لهم بأنْ صَرَفه عن الاشتغال بهم ، فيعلم أنّ الله سيتولّى عقابهم .

والتولّي حقيقته الانصراف والإدبار ، وقد تقدّم في قوله تعالى : { وإذا تَولَّى سعى في الأرض ليفسد فيها } [ البقرة : 205 ] وفي قوله : { مَا ولاَهُم عن قبلتهم } في سورة البقرة ( 142 ) . واستعمل هنا مجازاً في العصيان وعدم الإصغاء إلى الدعوة .