التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا} (80)

ثم بين - سبحانه - أن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم إنما هى طاعة له فقال : { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } .

اى : من يستجب لما يدعوه إليه محمد صلى الله عليه وسلم ويذعن لتعاليمه ، فإنه بذلك يكون مطيعا لله ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ لأمر الله ونهيه .

وقوله { وَمَن تولى فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } بيان لوظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم .

أى : من أطاعك يا محمد فقد أطاع الله ، ومن أعرض عن طاعتك وعصى أمك ، فعلى نفسه يكون جانيا ، لأننا ما أرسلناك على الناس حافظا ورقيبا لأعمالهم ، وإنما أرسلناك مبلغا ومنذرا .

وجواب الشرط فى قوله { وَمَن تولى } محذوف . أى ومن تولى فأعرض عنه فإنا ما أرسلناك عليهم حفيظا .

قال الآلوسى : وقوله - تعالى - { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } بيان لإِحكام رسالته إثر بيان تحققها . وإنما كان الأمر كذلك لأن الآمر والناهى فى الحقيقة هو الحق - سبحانه - والرسول إنما هو مبلغ للأمر والنهى فليست الطاعة له بالذات إنما هى لمن بلغ عنه . وفى بعض الآثار أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول : " من أحبنى فقد أحب الله ، ومن أطاعنى فقد أطاع الله " فقال المنافقون : ألا تسمعون إلى ما يقول هذا الرجل ؟ لقد قارف الشرك ، وهو نهى أن يبعد غير الله . ما يريد إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى - عليه السلام - فنزلت .