129- وإن العدل مع النساء بالمحبة الدائمة التي لا تشوبها شائبة ، والمساواة بين محبتها بحيث يبادلها ما تبادله ، أمر غير ممكن دائماً ، وغير ممكنة كذلك المساواة في المحبة بين الزوجات إذا كان عنده أكثر من واحدة ، ولكن إذا حرصتم فلا تجوروا عليها وتميلوا كل الميل إلى غيرها وتتركوها لا هي ذات زوج ولا هي مطلقة ، ويجب أن تصلحوا أنفسكم وتقيموا الأسرة على الصلاح من غير إفساد . وتتقوا الله فإن الله يغفر لكم ويرحمكم إذ من شأنه المغفرة والرحمة .
ومرة أخرى نجدنا أمام المنهج الفريد ، وهو يواجه واقع النفس البشرية وملابسات الحياة البشرية ، بالواقعية المثالية ، أو المثالية الواقعية ، ويعترف بما هو كامن في تركيبها من ازدواج عجيب فريد :
( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء - ولو حرصتم - فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة . وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما . وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيمًا ) .
إن الله الذي فطر النفس البشرية ، يعلم من فطرتها أنها ذات ميول لا تملكها . ومن ثم أعطاها لهذه الميول خطاما . خطاما لينظم حركتها فقط ، لا ليعدمها ويقتلها !
من هذه الميول أن يميل القلب البشري إلى إحدى الزوجات ويؤثرها على الأخريات . فيكون ميله إليها أكثر من الأخرى أو الأخريات . وهذا ميل لا حيلة له فيه ؛ ولا يملك محوه أو قتله . . فماذا ؟ إن الإسلام لا يحاسبه على أمر لا يملكه ؛ ولا يجعل هذا إثما يعاقبه عليه ؛ فيدعه موزعا بين ميل لا يملكه وأمر لا يطيقه ! بل إنه يصارح الناس بأنهم لن يستطيعوا أن يعدلوا بين النساء - ولو حرصوا - لأن الأمر خارج عن إرادتهم . . ولكن هنالك ما هو داخل في إرادتهم . هناك العدل في المعاملة . العدل في القسمة . العدل في النفقة . العدل في الحقوق الزوجية كلها ، حتى الابتسامة في الوجه ، والكلمة الطيبة باللسان . . وهذا ما هم مطالبون به . هذا هو الخطام الذي يقود ذلك الميل . لينظمه لا ليقتله !
( فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ) . .
فهذا هو المنهي عنه . الميل في المعاملة الظاهرة ، والميل الذي يحرم الأخرى حقوقها فلا تكون زوجة ولا تكون مطلقة . . ومعه الهتاف المؤثر العميق في النفوس المؤمنة ؛ والتجاوز عما ليس في طاقة الإنسان .
وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيمًا .
ولأن الإسلام يتعامل مع النفس البشرية بجملة ما فيها من مزاج فريد مؤلف من القبضة من الطين والنفخة من روح الله . وبجملة ما فيها من استعدادات وطاقات . وبواقعيتها المثالية ، أو مثاليتها الواقعية ، التي تضع قدميها على الأرض ، وترف بروحها إلى السماء ، دون تناقض ودون انفصام .
لأن الإسلام كذلك . . كان نبي الإسلام [ ص ] هو الصورة الكاملة للإنسانية حين تبلغ أوجها من الكمال ؛ فتنمو فيها جميع الخصائص والطاقات نموا متوازنا متكاملا في حدود فطرة الإنسان .
وكان هذا الرسول [ ص ] وهو يقسم بين نسائه فيما يملك ، ويعدل في هذه القسمة ، لا ينكر أنه يؤثر بعضهن على بعض . وأن هذا خارج عما يملك . فكان يقول : " اللهم هذا قسمي فيما أملك . فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني القلب " [ أخرجه أبو داود ] . .
وقوله تعالى : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } أي : لن تستطيعوا أيها الناس أن تساووا بين النساء من جميع الوجوه ، فإنه وإن حصل القسْم الصوري : ليلة وليلة ، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع ، كما قاله ابن عباس ، وعُبَيْدة السَّلْمَاني ، ومجاهد ، والحسن البصري ، والضحاك بن مزاحم .
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زُرْعة ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا حسين الجُعَفِي ، عن زائدة ، عن عبد العزيز بن رُفَيع ، عن ابن أبي مُلَيكة قال : نزلت هذه الآية : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } في عائشة . يعني : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، من حديث حمَّاد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قِلابة ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ، ثم يقول : " اللهم هذا قَسْمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " يعني : القلب .
لفظ أبي داود ، وهذا إسناد صحيح ، لكن قال الترمذي : رواه حماد بن زيد وغير واحد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة مرسلا قال : وهذا أصح{[8452]} .
وقوله { فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ } أي : فإذا ملتم إلى واحدة منهم{[8453]} فلا تبالغوا في الميل بالكلية { فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ } أي : فتبقى هذه الأخرى مُعَلَّقة .
قال ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، والضحاك ، والربيع بن أنس ، والسدي ، ومقاتل بن حيان : معناه لا ذات زوج ولا مطلقة .
وقد قال أبو داود الطيالسي : أنبأنا هَمَّام ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نَهِيك ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وأحد شِقَّيْهِ ساقط " .
وهكذا رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، من حديث همَّام بن يحيى ، عن قتادة ، به . وقال الترمذي : إنما أسنده همَّام ، ورواه هشام الدستوائي عن قتادة - قال : " كان يقال " . ولا نعرف هذا الحديث مرفوعا إلا من حديث همَّام{[8454]} .
وقوله : { وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا } أي : وإن أصلحتم في أموركم ، وقسمتم بالعدل فيما تملكون ، واتقيتم الله في جميع الأحوال ، غفر الله لكم ما كان من ميل إلى بعض النساء دون بعض .
{ وَلَن تَسْتَطِيعُوَاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتّقُواْ فَإِنّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رّحِيماً } . .
يعني جلّ ثناؤه بقوله : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ } : لن تطيقوا أيها الرجال أن تسوّوا بين نسائكم وأزواجكم في حبهن بقلوبكم حتى تعدلوا بينهن في ذلك ، مما لا تملكونه . وليس إليكم . { وَلَوْ حَرَصْتُمْ } يقول : ولو حرصتم في تسويتكم بينهنّ في ذلك . كما :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوح حَرَصْتُمْ } قال : واجب أن لا تستطيعوا العدل بينهن .
{ فَلاَ تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ } يقول : فلا تميلوا بأهوائكم إلى من لم تملكوا محبته منهنّ كلّ الميل ، حتى يحملكم ذلك على أن تجوروا على صواحبها في ترك أداء الواجب لهنّ عليكم من حقّ في القسم لهنّ ، والنفقة عليهنْ ، والعشرة بالمعروف . { فَتَذَرُها كالمُعَلّقَةِ } يقول : فتذروا التي هي سوى التي ملتم بأهوائكم إليها كالمعلقة ، يعني : كالتي لا هي ذات زوج ، ولا هي أيم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ما قلنا في قوله : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوح حَرَصْتُمْ } :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءه وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قال : بنفسه في الحبّ والجماع .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن يونس ، عن محمد بن سيرين ، عن عبيدة : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قال بنفسه .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حفص ، عن أشعث ، وهشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، قال : سألته عن قوله : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } فقال : في الجماع .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، قال : في الحبّ والجماع .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا سهل ، عن عمرو ، عن الحسن : في الحبّ .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، قال : في الحبّ والجماع .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : قال أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة ، عن قوله : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أن تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قال : في المودة ، كأنه يعني الحبّ .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } يقول : لا تستطيع أن تعدل بالشهوة فيما بينهنّ ولو حرصت .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : ذكر لنا أن عمر بن الخطاب كان يقول : اللهمّ أما قلبي فلا أملك ، وأما سوى ذلك فأرجو أن أعدل .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } يعني : في الحبّ والجماع .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، وحدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قالا جميعا : حدثنا أيوب ، عن أبي قلابة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ، ثم يقول : «اللّهُمّ هَذَا قَسْمِي فِيما أمْلِكُ ، فَلا تَلُمْنِي فِيما تَمْلِكُ وَلا أمْلِكُ » .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا حسين بن عليّ ، عن زائدة ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ابن أبي مليكة قال : نزلت هذه الاَية في عائشة : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ } .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : في الشهوة والجماع .
حدثنا ابن وكيع ، حدثنا المحاربي ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : في الجماع .
حدثنا عليّ بن سهل ، قال : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، قال : قال سفيان في قوله : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قال : في الحبّ والجماع .
حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أنْ تَعْدِلُوا بينَ النّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } قال : ما يكون من بدنه وقلبه ، فذلك شيء لا يستطيع يملكه .
ذكر من قال ما قلنا في تأويل قوله : { فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْل } :
حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا ابن عون ، عن محمد ، قال : قلت لعبيدة : { فَلاَ تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ } قال : بنفسه .
حدثنا سفيان ، قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن محمد ، عن عبيدة ، مثله .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة : { فَلاَ تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ } قال هشام : أظنه قال : في الحبّ والجماع .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا حبان بن موسى ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة في قوله : { كُلّ المَيْلِ } قال : بنفسه .
حدثنا بحر بن نصر الخولاني ، قال : حدثنا بشر بن بكر ، قال : أخبرنا الأوزاعي ، عن ابن سيرين ، قال : سألت عبيدة عن قول الله : { فَلاَ تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ } قال : بنفسه .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا سهل بن يوسف ، عن عمرو ، عن الحسن : { فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ } قال : في الغشيان والقسم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : { فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ } : لا تَعَمّدوا الإساءة .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، عن ابن جريج ، قال : بلغني عن مجاهد : { فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ } قال : يتعمد أن يسيء ويظلم .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى بن ميمون ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْل } قال : هذا في العمل في مبيته عندها ، وفيما تصيب من خيره .
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : { فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْل } يقول : يميل عليها فلا ينفق عليها ، ولا يقسم لها يوما .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال مجاهد : { فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْل } قال : يتعمد الإساءة ، يقول : لا تميلوا كل الميل ، قال : بلغني أنه الجماع .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه ، فيعدل ويقول : «اللّهُمّ هَذهِ قِسْمَتِي فِيما أمْلِكُ ، فَلا تَلُمْنِي فِيما تَمْلِكُ وَلا أمْلِكُ » .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عائشة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بمثله .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن النضر بن أنس ، عن بشير بن نهيك ، عن أبي هريرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : «مَنْ كانَتْ لَهُ امْرأتانِ يَمِيلُ مَعَ إحْدَاهُمَا على الأُخْرَى جاءَ يَوْمَ القِيامَةِ أحَدُ شِقّيْهِ ساقِطٌ » .
ذكر من قال ما قلنا في تأويل قوله : { فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } قال : تذروها لا هي أيّم ، ولا ذات زوج .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير : { فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } قال : لا أيما ولا ذات بعل .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن مبارك ، عن الحسن¹ { فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } قال : لا مطلقة ، ولا ذات بعل .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا سهل بن يوسف ، عن عمرو ، عن الحسن ، مثله .
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } : أي كالمحبوسة أو كالمسجونة .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : { فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } قال : كالمسجونة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام بن سلم ، عن أبي جعفر ، عن الربيع في قوله : { فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } يقول : لا مطلقة ، ولا ذات بعل .
حدثني المثنى ، قال : ثني إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد ، قال : أخبرنا أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس في قوله : { فَلا تَمِيلُوا كُلّ المَيْلِ فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } لا مطلقة ، ولا ذات بعل .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، عن ابن جريج ، قال : بلغني عن مجاهد : { فَتَذَرُها كالمُعَلّقَةِ } قال : لا أيما ، ولا ذات بعل .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح : { فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } ليس بأيم ، ولا ذات زوج .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا المحاربي وأبو خالد وأبو معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : لا تدعها ، كأنها ليس لها زوج .
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : { فَتَذَرُوها كالمُعَلّقةِ } قال : لا أيّما ، ولا ذات بعل .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } قال : المعلقة : التي ليست بمخلاّة ونفسها فتبتغي لها ، وليست متهيئة كهيئة المرأة من زوجها ، لا هي عند زوجها ولا مفارقة فتبتغي لنفسها ، فتلك المعلقة .
قال أبو جعفر : وإنما أمر الله جلّ ثناؤه بقوله : { فَلا تَميلُوا كُلّ المَيْلِ فَتَذَرُوها كالمُعَلّقَةِ } الرجال بالعدل بين أزواجهن فيما استطاعوا فيه العدل بينهنّ من القسمة بينهنّ والنفقة ، وترك الجور في ذلك بإيثار أحداهنّ على الأخرى فيما فرض عليهم العدل بينهن فيه ، إذ كان قد صفح لهم عما لا يطيقون العدل فيه بينهن ، مما في القلوب من المحبة والهوى .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَإنْ تُصْلِحُوا وَتَتّقُوا فإنّ اللّهَ كانَ غَفُورا رَحِيما } .
يعني بذلك جلّ ثناؤه : وإن تصلحوا أعمالكم أيها الناس ، فتعدلوا في قسمكم بين أزواجكم وما فرض الله لهنّ عليكم من النفقة والعشرة بالمعروف ، فلا تجوروا في ذلك . { وتَتّقُوا } يقول : وتتقوا الله في الميل الذي نهاكم عنه ، بأن تميلوا لإحداهنّ على الأخرى ، فتظلموها حقها مما أوجبها الله له عليكم . { فإنّ اللّهَ كانَ غَفُورا } يقول : فإن الله يستر عليكم ما سلف منكم من ميلكم وجوركم عليهنّ قبل ذلك بتركه عقوبتكم عليه ، ويغطي ذلك عليكم بعفوه عنكم ما مضى منكم في ذلك قبل . { رَحِيما } يقول : وكان رحيما بكم إذا تاب عليكم ، فقبل توبتكم من الذي سلف منكم من جورتكم في ذلك عليهنّ ، وفي ترخيصه لكم الصلح بينكم وبينهن ، بصفحهن عن حقوقهنّ لكم من القسم على أن يطلقن .