مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَن تَسۡتَطِيعُوٓاْ أَن تَعۡدِلُواْ بَيۡنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوۡ حَرَصۡتُمۡۖ فَلَا تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلۡمَيۡلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلۡمُعَلَّقَةِۚ وَإِن تُصۡلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (129)

وكان عمران الخارجي من أدمّ بني آدم وامرأته من أجملهم فنظرت إليه وقالت : الحمد لله على أني وإياك من أهل الجنة . قال : كيف ؟ فقالت : لأنك رزقت مثلي فشكرت ورزقت مثلك فصبرت والجنة موعودة للشاكرين والصابرين { وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النساء } ولن تستطيعوا العدل بين النساء والتسوية حتى لا يقع ميل البتة ، فتمام العدل أن يسوى بينهن بالقسمة والنفقة والتعهد والنظر والإقبال والمحالمة والمفاكهة وغيرها . وقيل : معناه أن تعدلوا في المحبة وكان عليه السلام يقسم بين نسائه فيعدل ويقول : " هذه قسمتي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك " يعني المحبة لأن عائشة رضي الله عنها كانت أحب إليه . { وَلَوْ حَرَصْتُمْ } بالغتم في تجري ذلك { فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الميل } فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور فتمنعوها قسمها من غير رضا منها يعني أن اجتناب كل الميل في حد اليسر فلا تُفْرطوا فيه إن وقع منكم التفريط في العدل كله ، وفيه ضرب من التوبيخ . و «كل » نصب على المصدر لأن له حكم ما يضاف إليه { فَتَذَرُوهَا كالمعلقة } وهي التي ليست بذات بعلٍ ولا مطلقة { وَإِن تُصْلِحُواْ } بينهن { وَتَتَّقُواْ } الجور { فَإِنَّ الله كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } يغفر لكم ميل قلوبكم ويرحمكم فلا يعاقبكم .