محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَن تَسۡتَطِيعُوٓاْ أَن تَعۡدِلُواْ بَيۡنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوۡ حَرَصۡتُمۡۖ فَلَا تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلۡمَيۡلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلۡمُعَلَّقَةِۚ وَإِن تُصۡلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (129)

( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وان تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما129 ) .

( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ) أي : تساووا بينهن في جميع الوجوه ، بحيث لا يقع ميل ما إلى جانب إحداهن ، في شأن من الشؤون . فإنه وان وقع القسم الصوري ليلة وليلة ، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع . كما قاله ابن عباس وغيره ( ولو حرصتم ) أي على اقامة العدل ، وبالغتم في ذلك . لأن الميل يقع بلا اختيار في القلب . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه ، فيعدل . ثم يقول : اللهم ! هذا قسمي فيما املك . فلا تلمني فيما تملك ولا املك . يعني القلب " . رواه الامام أحمد{[2353]} وأهل ( السنن ) ( فلا تميلوا كل الميل ) أي : إذا ملتم إلى واحدة منهم فلا تبالغوا في الميل اليها . وقال المهايمي : فلا تميلوا ، أي عن امرأة كل الميل فتتركوا المستطاع من القسط ( فتذروها ) أي : التي ملتم عنها ( كالمعلقة ) بين السماء والأرض . لا تكون في احدى الجهتين . لا ذات زوج ولا مطلقة . وروى أبو داود{[2354]} الطيالسي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من كانت له امرأتان ، فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وإحدى شدقيه ساقط " .

كذا رأيته في ( ابن كثير ) شدقيه ، بشين معجمة ثم دال .

ورواية أصحاب ( السنن ) المنقولة : وشقه ( بمعجمة ثم قاف ) ساقط . وفي رواية : مائل ( وأن تصلحوا ) أي نفوسكم بالتسوية والقسمة بالعدل فيما تملكون ( وتتقوا ) الحيف والجور ( فإن الله كان غفورا رحيما ) فيغفر لكم ما سلف من ميلكم .


[2353]:أخرجه في المسند بالصفحة 144 من الجزء السادس (طبعة الحلبي). وفي أبي داود في: 12 –كتاب النكاح، 48 –باب في القسم بين النساء، حديث 2134. والترمذي في: 9 –كتاب النكاح، 42 –باب ما جاء في التسوية بين الضرائر. والنسائي في: 36 –كتاب عشرة نساء، 2 –باب ميل الرجل الى بعض نسائه دون بعض. وابن ماجة في: 9 –كتاب النكاح، 47 –باب القسمة بين النساء، حديث 1971 (طبعتنا).
[2354]:رواه في مسنده، حديث 2454 وروايته (شقيه) وفي ابن كثير بالصفحة 564 من الجزء الأول طبعة سنة 1927 م (شقيه) وهو الصواب بخلاف النسخة التي نقل عنها شيخنا المؤلف. وفي سنن النسائي في: 36 –كتاب عشرة النساء، 2 –باب ميل الرجل الى بعض نسائه دون بعض. وابن ماجة في: 9 –كتاب النكاح، 47 –باب القسمة بين النساء، حديث 1969 (طبعتنا). وأبو داود في: 12 –كتاب النكاح، 38 –باب في القسم بين النساء، حديث 2133. والترمذي في: 9 –كتاب النكاح، 42 –باب ما جاء في التسوية بين الضرائر.