غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَن تَسۡتَطِيعُوٓاْ أَن تَعۡدِلُواْ بَيۡنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوۡ حَرَصۡتُمۡۖ فَلَا تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلۡمَيۡلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلۡمُعَلَّقَةِۚ وَإِن تُصۡلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (129)

127

{ ولن تستطيعوا أن تعدلوا } لن تقدروا على التسوية بين النساء في ميل الطباع { ولو حرصتم } وإذا لم تقدروا عليها بحيث لا يقع ميل ألبتة ولا زيادة ولا نقصان لم تكونوا مكلفين به ، وهذا تفسير يناسب مذهب المعتزلة من أن تكليف ما لا يطاق غير واقع ولا جائز . { فلا تميلوا كل الميل } أي رفع عنكم تمام العدل وغايته ولكن ائتوا منه ما استطعتم بشرط أن تبذلوا فيه وسعكم وطاقتكم . وبوجه آخر لن تستطيعوا التسوية في الميل القلبي { ولو حرصتم } ولا التسوية الكلية في نتائج الحب من الأقوال والأفعال لأن الفعل بدون الداعي ومع قيام الصارف محال . { فلا تميلوا كل الميل } فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور فتمنعوها قسمتها ونفقتها وسائر حقوقها وحظوظها من غير رضا منها { فتذروها كالمعلقة } بين السماء والأرض لا على قرار أي غير ذات بعل ولا مطلقة . والغرض النهي عن الميل الكلي مع جواز التفريط في العدل الكلي في نتائج الميل القلبي ، وأما الميل القلبي فمعفو بالكل وبالبعض لأن القلب ليس في تصرف الإنسان وإنما هو بين أصبعين من أصابع الرحمن . عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل فيقول : " اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك " يعني المحبة لأن عائشة كانت أحب إليه . وعنه صلى الله عليه وسلم : " من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل " { وإن تصلحوا } ما مضى من ميلكم وتتداركوه بالتوبة { وتتقوا } فيما يستقبل { فإن الله كان غفوراً رحيماً }

/خ141