25- ومن لم يستطع منكم نكاح الحرائر المؤمنات فله أن يتجاوزهن إلى ما يستطيع من المملوكات المؤمنات ، والله أعلم بحقيقة إيمانكم وإخلاصكم ، ولا تستنكفوا من نكاحهن ، فأنتم وهن سواء في الدين ، فتزوجوهن بإذن أصحابهن وأدوا إليهن مهورهن التي تفرضونها لهن حسب المعهود بينكم في حسن التعامل وتوفية الحق ، واختاروهن عفيفات ، فلا تختاروا زانية معلنة ولا خليلة ، فإن أتين الزنا بعد زواجهن فعقوبتهن نصف عقوبة الحرة . وإباحة نكاح المملوكات عند عدم القدرة جائز لمن خاف منكم المشقة المفضية إلى الزنا وصبركم عن نكاح المملوكات مع العفة خير لكم ، والله كثير المغفرة ، عظيم الرحمة .
{ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
ثم قال تعالى { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا } الآية .
أي : ومن لم يستطع الطول الذي هو المهر لنكاح المحصنات أي : الحرائر المؤمنات وخاف على نفسه العَنَت أي : الزنا والمشقة الكثيرة ، فيجوز له نكاح الإماء المملوكات المؤمنات . وهذا بحسب ما يظهر ، وإلا فالله أعلم بالمؤمن الصادق من غيره ، فأمور الدنيا مبنية على ظواهر الأمور ، وأحكام الآخرة مبنية على ما في البواطن .
{ فَانْكِحُوهُنَّ } أي : المملوكات { بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ } أي : سيدهن واحدا أو متعددا .
{ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ } أي : ولو كن إماء ، فإنه كما يجب المهر للحرة فكذلك يجب للأمة . ولكن لا يجوز نكاح الإماء إلا إذا كن { مُحْصَنَاتٍ } أي : عفيفات عن الزنا { غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ } أي : زانيات علانية . { وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ } أي : أخلاء في السر .
فالحاصل أنه لا يجوز للحر المسلم نكاح أمة إلا بأربعة شروط ذكرها الله : الإيمان بهن والعفة ظاهرا وباطنا ، وعدم استطاعة طول الحرة ، وخوف العنت ، فإذا تمت هذه الشروط جاز له نكاحهن .
ومع هذا فالصبر عن نكاحهن أفضل لما فيه من تعريض الأولاد للرق ، ولما فيه من الدناءة والعيب . وهذا إذا أمكن الصبر ، فإن لم يمكن الصبر عن المحرم إلا بنكاحهن وجب ذلك . ولهذا قال : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
وقوله : { فَإِذَا أُحْصِنَّ } أي : تزوجن أو أسلمن أي : الإماء { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ } أي : الحرائر { مِنَ الْعَذَابِ }
وذلك الذي يمكن تنصيفه وهو : الجَلد فيكون عليهن خمسون جَلدة . وأما الرجم فليس على الإماء رجم لأنه لا يتنصف ، فعلى القول الأول إذا لم يتزوجن فليس عليهن حد ، إنما عليهن تعزير يردعهن عن فعل الفاحشة .
وعلى القول الثاني : إن الإماء غير المسلمات ، إذا فعلن فاحشة أيضا عزرن .
وختم هذه الآية بهذين الاسمين الكريمين " الغفور والرحيم " لكون هذه الأحكام رحمةً بالعباد وكرمًا وإحسانًا إليهم فلم يضيق عليهم ، بل وسع غاية السعة .
ولعل في ذكر المغفرة بعد ذكر الحد إشارة إلى أن الحدود كفارات ، يغفر الله بها ذنوب عباده كما ورد بذلك الحديث . وحكم العبد الذكر في الحد المذكور حكم الأمة لعدم الفارق بينهما .
فَمِن مَّا مَلَكَتَ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمًُ المُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيْمانِكُم بَعْضُكُم مِّنْ بَعْضٍ } قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والسدي وابن زيد ومالك بن أنس في المدونة : الطول هنا السعة في المال ، وقال ربيعة وإبراهيم النخعي : الطول هنا الجلد والصبر لمن أحب أمة وهويها حتى صار لذلك لا يستطيع أن يتزوج غيرها ، فإن له أن يتزوج الأمة إذا لم يملك هواها ، وإن كان يجد سعة في المال لنكاح حرة ، ثم يكون قوله تعالى : { لمن خشي العنت } على هذا التأويل بياناً في صفة عدم الجلد وعلى التأويل الآخر يكون تزوج الأمة معلقاً بشرطين : عدم السعة في المال وخوف العنت ، فلا يصح إلا باجتماعهما ، وهذا هو نص مذهب مالك في المدونة من رواية ابن نافع وابن القاسم وابن وهب وابن زياد أن الحر لا يتزوج الأمة على حال إلا ألا يجد سعة في المال لمهر حرة ، وأن يخشى العنت مع ذلك ، وقال مالك في كتاب محمد : إذا وجد المهر ولكنه لا يقدر على النفقة فإنه لا يجوز له أن يتزوج أمة . وقال أصبغ{[3947]} : ذلك جائز ، إذ نفقة الأمة على أهلها إذا لم يضمها إليه ، وقال مطرف{[3948]} ، وابن الماجشون : لا يحل للحر أن ينكح أمة ولا يقر إن وقع ، إلا أن يجتمع الشرطان كما قال الله تعالى ، وقاله أصبغ ، قال : وقد كان ابن القاسم يذكر أنه سمع مالكاً يقول : نكاح الأمة حلال في كتاب الله عز وجل .
قال القاضي أبو محمد : وهو في المدونة ، وقال سحنون في غيرها : ذلك في قوله تعالى : { وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم }{[3949]} [ النور : 32 ] وقاله ابن مزين .
قال القاضي أبو محمد : وليس في الآية ما يلزم منه تحليل الأمة لحر دون الشرطين . وقال مالك في المدونة : ليست الحرة بطول تمنع من نكاح الأمة إذا لم يجد سعة لأخرى وخاف العنت ، وقال في كتاب محمد : ما يقتضي أن الحرة بمثابة الطول . قال الشيخ أبو الحسن اللخمي : وهو ظاهر القرآن ، وروي نحو هذا عن ابن حبيب ، وقاله أبو حنيفة : فمقتضى هذا أن من عنده حرة فلا يجوز له نكاح أمة ، وإن عدم السعة وخاف العنت ، لأنه طالب شهوة وعنده امرأة ، وقال به الطبري واحتج له ، و { طولاً } - يصح في إعرابه أن يكون مفعولاً بالاستطاعة ، و { أن ينكح } في موضع نصب بدل من قوله { طولاً } أو في موضع نصب بتقدير لأن ينكح{[3950]} ، وفي هذا نظر ، ويصح أن يكون { طولاً } نصباً على المصدر والعامل فيه الاستطاعة لأنها بمعنى يتقارب ، و { أن ينكح } على هذا مفعول بالاستطاعة أو بالمصدر{[3951]} تقول : طال الرجل طولاً بفتح الطاء إذا تفضل ووجد واتسع عرفه{[3952]} ، و { وطولاً } بضم الطاء في ضد القصر { والمحصنات } في هذا الموضع الحرائر يدل على ذلك التقسيم بينهن وبين الإماء ، وقالت فرقة : معناه العفائف وهو ضعيف لأن الإماء يقعن تحته وقد تقدم الذكر للقراءة في { المحصنات } و { المؤمنات } صفة فأما من يقول في الرجل يجد طولاً لحرة كتابية لا لمؤمنة : إنه يمتنع عن نكاح الإماء ، فهي صفة غير مشترطة ، وإنما جاءت لأنها مقصد النكاح ، إذ الأمة مؤمنة ، وهذا المذهب المالكي ، نص عليه ابن الماجشون في الواضحة . ومن قال في الرجل لا يجد طولاً إلا الكتابية : إنه يتزوج الأمة إن شاء ، فصفة { المؤمنات } عنده في الآية مشترطة في إباحة نكاح الإماء والمسألة مختلف فيها حسبما ذكرناه ، و { ما } في قوله : { فمن ما ملكت أيمانكم } يصح أن تكون مصدرية تقديره : فمن ملك أيمانكم ويصح أن يراد بها النوع المملوك ، فهي واقعة عليه{[3953]} .
والفتاة - وإن كانت واقعة في اللغة على الشابة أية كانت ، فعرفها في الإماء ، وفتى - كذلك وهذه المخاطبات بالكاف والميم عامة ، أي : منكم الناكحون ومنكم المالكون ، لأن الرجل ينكح فتاة نفسه وهذا التوسع في اللغة كثير و { المؤمنات } في هذا الموضع صفة مشترطة عند مالك وجمهور أصحابه ، لأنهم يقولون : لا يجوز زواج أمة غير مسلمة بوجه ، وقالت طائفة من أهل العلم منهم أصحاب الرأي : نكاح الأمة الكتابية جائز ، وقوله { المؤمنات } على جهة الوجه الفاضل ، واحتجوا بالقياس على الحرائر ، وذلك أنه لما لم يمنع قوله { المؤمنات } في الحرائر من نكاح الكتابيات الحرائر ، فكذلك لا يمنع قوله { المؤمنات } في الإماء من نكاح الكتابيات الإماء ، وقال أشهب في المدونة : جائز للعبد المسلم أن يتزوج أمة كتابية .
قال القاضي أبو محمد : فالمنع عنده أن يفضل الزوج في الحرية والدين معاً ، وقوله تعالى : { والله أعلم بإيمانكم } معناه : أن الله عليم ببواطن الأمور ولكم ظواهرها فإذا كانت الفتاة ظاهرها الإيمان فنكاحها صحيح ، وعلم باطنها إلى الله ، وإنما هذا لئلا يستريب متحير بإيمان بعض الإماء ، كالقريبة عهد بالسباء ، أو كالخرساء وما أشبهه . وفي اللفظ أيضاً تنبيه على أنه ربما كان إيمان أمة أفضل من إيمان بعض من الحرائر ، أي : فلا تعجبوا بمعنى الحرية وقوله : { بعضكم من بعض } قالت طائفة : هو رفع على الابتداء والخبر ، والمقصد بهذا الكلام ، أي{[3954]} إنكم أيها الناس سواء بنو الحرائر وبنو الإماء ، أكرمكم عند الله أتقاكم ، فهذه توطئة لنفوس العرب التي كانت تستهجن ولد الأمة ، فلما جاء الشرع بجواز نكاحها ، أعلموا مع ذلك أن ذلك التهجين لا معنى له{[3955]} . وقال الطبري : هو رفع بفعل تقديره : فلينكح مما ملكت «أيمانكم بعضكم من بعض » فعلى هذا في الكلام تقديم وتأخير ، وهذا قول ضعيف .
{ فانكحوهن بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بالمعروف مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَآ أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المحصنات مِنَ العذاب ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ العنت مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } قوله : { بإذن أهلهن } معناه : بولاية أربابهن المالكين ، وقوله : { وآتوهن آجورهن } يعني مهورهن قاله ابن زيد وغيره ، و { بالمعروف } معناه : بالشرع والسنة ، وهذايقتضي أنهن أحق بمهورهن من السادة وهو مذهب مالك قال في كتاب الرهون : ليس للسيد أن يأخذ مهر أمته ويدعها بلا جهاز ، قال سحنون في كتاب{[3956]} " المدونة " : كيف هذا وهو لا يبوئه معها بيتاً ؟ وقال بعض الفقهاء : معنى ما في المدونة : أنه بشرط التبوئة ، فعلى هذا لا يكون قول سحنون خلافاً{[3957]} و { محصنات } وما بعده حال ، فالظاهر أنه بمعنى عفيفات إذ غير ذلك من وجوه الإحصان بعيد إلا_ مسلمات_ فإنه يقرب ، والعامل في الحال { فانكحوهن } ويحتمل أن يكون { فانكحوهن بإذن أهلهن } كلاماً تاماً ، ثم استأنف «وآتوهن أجورهن مزوجات غير مسافحات » فيكون العامل { وآتوهن } ، ويكون معنى الإحصان : التزويج ، و «المسافحات » من الزواني : المبتذلات اللواتي هن سوق للزنا ، «ومتخذات الأخذان » : هن المتسترات اللواتي يصحبن واحداً واحداً ويزنين خفية ، وهذان كانا نوعين في زنا الجاهلية ، قاله ابن عباس وعامر الشعبي والضحاك وغيرهم ، وأيضاً فهو تقسيم عقلي لا يعطي الوجود إلا أن تكون الزانية : إما لا ترد يد لامس ، وإما أن تختص من تقتصر عليه{[3958]} .
وقوله تعالى : { فإذا أحصنَّ } الآية قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «أُحصن » على بناء الفعل للمفعول ، وقرأ حمزة والكسائي على بناء الفعل للفاعل ، واختلف عن عاصم ، فوجه الكلام أن تكون القراءة الأولى بالتزوج ، والثانية بالإسلام أو غيره مما هو من فعلهن ، ولكن يدخل كل معنى منهما على الآخر ، واختلف المتأولون فيما هو الإحصان هنا ، فقال الجمهور : هو الإسلام ، فإذا زنت الأمة المسلمة حدت نصف حد الحرة - وإسلامها هو إحصانها الذي في الآية ، وقالت فرقة : إحصانها الذي في الآية هو التزويج لحر ، فإذا زنت الأمة المسلمة التي لم تتزوج فلا حد عليها ، قاله سعيد بن جبير والحسن وقتادة ، وقالت فرقة : الإحصان - في الآية التزوج ، إلا أن الحد واجب على الأمة المسلمة بالسنة ، وهي الحديث الصحيح في مسلم والبخاري ، أنه قيل : يا رسول الله ، الأمة إذا زنت ولم تحصن ؟ فأوجب عليها الحد{[3959]} .
قال الزهري : فالمتزوجة محدودة بالقرآن والمسلمة غير المتزوجة محدودة بالحديث .
قال القاضي أبو محمد : وهذا الحديث والسؤال من الصحابة يقتضي أنهم فهموا من القرآن أن معنى { أحصنَّ } تزوجن ، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك يقتضي تقرير المعنى ومن أراد أن يضعف قول من قال : إنه الإسلام بأن الصفة لهن بالإيمان قد تقدمت وتقررت فذلك غير لازم{[3960]} ، لأنه جائز أن يقطع في الكلام ويزيد ، فإذا كن على هذه الحالة المتقدمة من الإيمان { فإن أتين بفاحشة فعليهن } ، وذلك سائغ صحيح ، والفاحشة هنا : الزنى بقرينة إلزام الحد ، و { المحصنات } في هذه الآية الحرائر ، إذ هي الصفة المشروطة في الحد الكامل ، والرجم لا يتنصف ، فلم يرد في الآية بإجماع ، ثم اختلف ، فقال ابن عباس والجمهور : على الأمة نصف المائة لا غير ذلك{[3961]} ، وقال الطبري وجماعة من التابعين : على الأمة نصف المائة ونصف المدة ، وهي نفي ستة أشهر والإشارة بذلك إلى نكاح الأمة ، و { العنت } في اللغة : المشقة وقالت طائفة : المقصد به ها هنا الزنا ، قاله مجاهد : وقال ابن عباس : ما ازلحف{[3962]} ناكح الأمة عن الزنا إلا قريباً ، قال : و { العنت } الزنا ، وقاله عطية العوفي والضحاك ، وقالت طائفة : الإثم{[3963]} ، وقالت طائفة : الحد .
قال القاضي أبو محمد : والآية تحتمل ذلك كله ، وكل ما يعنت عاجلاً وآجلاً ، وقوله تعالى : { وأن تصبروا خير لكم } يعني عن نكاح - الإماء - قاله سعيد بن جبير ومجاهد والسدي وابن عباس رضي الله عنهما ، وهذا ندب إلى الترك ، وعلته ما يؤدي إليه نكاح الإماء من استرقاق الولد ومهنتهن{[3964]} ، وهذه الجملة ابتداء ، وخبر تقديره : وصبركم خير لكم { والله غفور }{[3965]} ، أي لمن فعل وتزوج .
عطف قوله : { ومن لم يستطع منكم طولاً } على قوله : { وأحل لكم ما وراء ذلكم } [ النساء : 24 ] تخصيصاً لعمومه بغير الإماء ، وتقييداً لإطلاقه باستطاعة الطَّول .
والطَّول بفتح الطاء وسكون الواو القدرة ، وهو مصدر طال المجازي بمعنى قدر ، وذلك أنّ الطُّول يستلزم المقدرة على المناولة ؛ فلذلك يقولون : تطاول لكذا ، أي تمطَّى ليأخذه ، ثم قالوا : تطاول ، بمعنى تكلّف المقدرة « وأين الثريا من يد المتطاول » فجعلوا لطال الحقيقي مصدراً بضم الطاء وجعلوا لطال المجازي مصدراً بفتح الطاء وهو ممّا فرّقت فيه العرب بين المعنيين المشتركين .
{ والمحصنات } [ النساء : 24 ] قرأه الجمهور بفتح الصاد وقرأه الكسائي بكسر الصاد على اختلاف معنيي ( أحصن ) كما تقدّم آنفاً ، أي اللاَّتي أحصنّ أنفسهنّ ، أو أحصنهنّ أولياؤهن ، فالمراد العفيفات . والمحصنات هنا وصف خرج مخرج الغالب ، لأنّ المسلم لا يقصد إلاّ إلى نكاح امرأة عفيفة ، قال تعالى : { والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك } [ النور : 30 ] أي بحسب خلق الإسلام ، وقد قيل : إنّ الإحصان يطلق على الحرية ، وأنّ المراد بالمحصنات الحرائر ، ولا داعي إليه ، واللغة لا تساعد عليه .
وظاهر الآية أنّ الطوْل هنا هو القدرة على بذل مهر لامرأة حرّة احتاج لتزوّجها : أولى ، أو ثانية ، أو ثالثةً ، أو رابعة ، لأنّ الله ذكر عدم استطاعة الطوْل في مقابلة قوله : { أن تبتغوا بأموالكم } [ النساء : 24 ] { فأتوهن أجورهن فريضة } [ النساء : 24 ] ولذلك كان هذا الأصحّ في تفسير الطوْل . وهو قول مالك ، وقاله ابن عباس ، ومجاهد ، وابن جبير ، والسدّي ، وجابر بن زيد . وذهب أبو حنيفة إلى أنّ من كانت له زوجة واحدة فهي طَوْل فلا يباح له تزوّج الإماء ؛ لأنّه طالب شهوة إذْ كانت عنده امرأة تعفّه عن الزنا . ووقع لمالك ما يقرب من هذا في كتاب محمد بن الموّاز ، وهو قول ابن حبيب ، واستحسنه اللخمي والطبري ، وهو تضييق لا يناسب يسر الإسلام على أنّ الحاجة إلى امرأة ثانية قد لا يكون لشهوة بل لحاجة لا تسدّها امرأة واحدة ، فتعيّن الرجوع إلى طلب التزوّج ، ووجودِ المقدرة . وقال ربيعة ، والنخعي ، وقتادة ، وعطاء ، والثوري ، الطوْل : الصبر والجلَد على نكاح الحرائر .
ووقع لمالك في كتاب محمد : أنّ الذي يجد مهر حرّة ولا يقدر على نفقتها ، لا يجوز له أن يتزوّج أمة ، وهذا ليس لكون النفقة من الطوْل ولكن لأنّ وجود المهر طول ، والنفقة لا محيص عنها في كليهما ، وقال أصبغ : يجوز لهذا أن يتزوّج أمة لأنّ نفقة الأمة على أهلها إن لم يضمَّها الزوج إليه ، وظاهرٌ أنّ الخلاف في حالٍ . وقوله : { أن ينكح } معمول ( طَوْلا ) بحذف ( اللاَّم ) أو ( على ) إذ لا يتعدّى هذا المصدر بنفسه .
ومعنى { أن ينكح المحصنات } أي ينكح النساء الحرائر أبكاراً أو ثيّبات ، دلّ عليه قوله : { فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات } .
وإطلاق المحصنات على النساء اللاتي يتزوجهنّ الرجال إطلاق مجازي بعلاقة المآل ، أي اللائي يَصِرن محصنات بذلك النكاح إن كنّ أبكاراً ، كقوله تعالى : { قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً } [ يوسف : 36 ] أي عنباً آيلا إلى خمر ؛ أو بعلاقة ما كان ، إن كنّ ثيّبات كقوله : { وآتوا اليتامى أموالهم } [ النساء : 2 ] وهذا بيِّن ، وفيه غنية عن تأويل المحصنات بمعنى الحرائر ، فإنّه إطلاق لا تساعد عليه اللغة ، لا على الحقيقة ولا على المجاز ، وقد تساهل المفسّرون في القول بذلك .
وقد وُصف المحصنات هنا بالمؤمنات ، جريا على الغالب ، ومُعظم علماء الإسلام على أنّ هذا الوصف خرج للغالب ولعلّ الذي حملهم على ذلك أنّ استطاعة نكاح الحرائر الكتابيات طول ، إذْ لم تكن إباحة نكاحهنّ مشروطة بالعجز عن الحرائر المسلمات ، وكان نكاح الإماء المسلمات مشروطاً بالعجز عن الحرائر المسلمات ، فحصل من ذلك أن يكون مشروطاً بالعجز عن الكتابيات أيضاً بقاعدة قياس المساواة . وعلّة ذلك أنّ نكاح الأمة يُعرّض الأولاد للرقّ ، بخلاف نكاح الكتابية ، فتعطيل مفهوم قوله : { المؤمنات } مع { المحصنات } حصل بأدلّة أخرى ، فلذلك ألغَوْا الوصف هنا ، وأعملوه في قوله : { من فتياتكم المؤمنات } . وشذّ بعض الشافعية ، فاعتبروا رخصة نكاح الأمة المسلمة مشروطة بالعجز عن الحرّة المسلمة ، ولو مع القدرة على نكاح الكتابية ، وكأنَّ فائدة ذكر وصف المؤمنات هنا أنّ الشارع لم يكترث عند التشريع بذكر غير الغالب المعتبر عنده ، فصار المؤمنات هنا كاللَّقب في نحو ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ) .
والفتيات جمع فتاة ، وهي في الأصل الشابّة كالفتى ، والمراد بها هنا الأمة أطلق عليها الفتاة كما أطلق عليها الجَارية ، وعلى العبد الغلام ، وهو مجاز بعلاقة اللزوم ، لأنّ العبد والأمة يعاملان معاملة الصغير في الخدمة ، وقلّة المبالاة . ووصف المؤمنات عقب الفتيات مقصود للتقييد عند كافّة السلف ، وجمهور أيّمة الفقه ، لأنّ الأصل أن يكون له مفهوم ، ولا دليل يدلّ على تعطيله ، فلا يجوز عندهم نكاح أمة كتابية . والحكمة في ذلك أنّ اجتماع الرقّ والكفر يُباعد المرأة عن الحرمة في اعتبار المسلم ، فيقلّ الوفاق بينهما ، بخلاف أحد الوصفين . ويظهر أثر ذلك في الأبناء إذ يكونون أرقّاء مع مشاهدة أحوال الدّين المخالف فيمتدّ البون بينهم وبين أبيهم . وقال أبو حنيفة : موقع وصف المؤمنات هنا كموقعه مع قوله : { المحصنات المؤمنات } ، فلم يشترط في نكاح الأمة كونها مؤمنة ، قال أبو عُمر بن عبد البرّ : ولا أعرف هذا القول لأحد من السلف إلاّ لعَمْرو بن شرحبيل وهو تابعيّ قديم روى عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب ؛ ولأنَّ أبا حنيفة لا يرى إعمال المفهوم .
وتقدّم آنفاً معنى { ملكت أيمانكم } .
والإضافة في قوله : { أيمانكم } وقوله : { من فتياتكم } للتقريب وإزالة ما بقي في نفوس العرب من احتقار العبيد والإماء والترفّع عن نكاحهم وإنكاحهم ، وكذلك وصف المؤمنات ، وإن كنّا نراه للتقيد فهو لا يخلو مع ذلك من فائدة التقريب ، إذ الكفاءة عند مالك تعتمد الدين أوَّلاً .
وقوله : { والله أعلم بإيمانكم } اعتراض جمع معاني شتّى ، أنّه أمر ، وقيدٌ للأمر في قوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولاً } إلخ ؛ وقد تَحول الشهوة والعجلة دون تحقيق شروط الله تعالى ، فأحالهم على إيمانهم المطلّع عليه ربّهم . ومن تلك المعاني أنّه تعالى أمر بنكاح الإماء عند العجز عن الحرائر ، وكانوا في الجاهلية لا يرضون بنكاح الأمة وجعْلَها حليلة ، ولكن يقضون منهنّ شهواتهم بالبغاء ، فأراد الله إكرام الإماء المؤمنات ، جزاء على إيمانهنّ ، وإشعاراً بأنّ وحدة الإيمان قرّبت الأحرار من العبيد ، فلمَّا شَرَع ذلك كلّه ذيّله بقوله : { والله أعلم بإيمانكم } ، أي بقوّته ، فلمّا كان الإيمان ، هو الذي رفع المؤمنين عند الله درجات كان إيمان الإماء مُقنعا للأحرار بترك الاستنكاف عن تزوجهنّ ، ولأنّه رُبّ أمةٍ يكون إيمانها خيراً من إيمان رجل حرّ ، وهذا كقوله { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } [ الحجرات : 13 ] . وقد أشار إلى هذا الأخير صاحب « الكشاف » ، وابن عطية .
وقوله : { بعضكم من بعض } تذييل ثان أكّد به المعنى الثاني المراد من قوله : { والله أعلم بإيمانكم } فإنّه بعد أن قرّب إليهم الإماء من جانب الوحدة الدينية قرّبهنّ إليهم من جانب الوحدة النوعية ، وهو أنّ الأحرار والعبيد كلّهم من بني آدم ف ( مِن ) اتّصالية .
وفرّع عن الأمر بنكاح الإماء بيان كيفية ذلك فقال : { فأنكحوهن بإذن أهلهن } وشرط الإذن لئلاّ يكون سرّا وزني ، ولأنّ نكاحهنّ دون ذلك اعتداء على حقوق أهل الإماء .
والأهْل هنا بمعنى السَّادة المالكين ، وهو إطلاق شائع على سادة العبيد في كلام الإسلام . وأحسب أنّه من مصطلحات القرآن تلطّفا بالعبيد ، كما وقع النهي أن يقول العبد لسيّده : سيّدي ، بل يقول : مولاي . ووقع في حديث بريرة « أنّ أهلها أبوا إلاّ أن يكون الولاء لهم » .
والآية دليل على ولاية السيّد لأمته ، وأنّه إذا نَكحت الأمة بدون إذن السيّد فالنكاح مفسوخ ، ولو أجازه سيّدها . واختلف في العبد : فقال الشعبي : والأوزاعي ، وداود : هو كالأمة . وقال مالك ، وأبو حنيفة ، وجماعة من التابعين : إذا أجازه السيد جاز ، ويُحتجّ بها لاشتراط أصل الولاية في المرأة ، احتجاجاً ضعيفاً ، واحتجّ بها الحنفية على عكس ذلك ، إذ سمّى الله ذلك إذناً ولم يسمّه عقداً ، وهو احتجاج ضعيف ، لأنّ الإذن يطلق على العقد لا سيما بعد أن دخلت عليه باء السببية المتعلّقة ب ( انكحوهنّ ) .
والقول في الأجور والمعروف تقدّم قريباً . غير أنّ قوله : { وأتوهن } وإضافة الأجور إليهنّ ، دليل على أنّ الأمة أحقّ بمهرها من سيّدها . ولذلك قال مالك في كتاب الرهون ، من المدونة : إنّ على سيّدها أن يجهّزها بمهرها . ووقع في كتاب النكاح الثاني منها : إنّ لسيّدها أن يأخذ مَهرها ، فقيل : هو اختلاف من قول مالك ، وقيل : إنّ قوله في كتاب النكاح : إذا لم تُبَوَّأ أو إذا جهّزها من عنده قبل ذلك ، ومعنى تُبَوَّأ إذا جعل سكناها مع زوجها في بيت سيّدها .
وقوله : { محصنات } حال من ضمير الإماء ، والإحصان التزوّج الصحيح ، فهي حال مقدّرة ، أي ليصرن محصنات .
وقوله : { غير مسافحات } صفة للحال ، وكذلك { ولا متخذات أخدان } قصد منها تفظيع ما كانت ترتكبه الإماء في الجاهلية بإذن مواليهنّ لاكتساب المَال بالبغاء ونحوه ، وكان الناس يومئذ قريبا عصرهم بالجاهلية .
والمسافحات الزواني مع غير معيّن . ومتّخذاتُ الأخذَان هنّ متّخذات أخلاّء تتّخذ الواحدة خليلاً تختصّ به لا تألف غيره . وهذا وإن كان يشبه النكاح من جهة عدم التعدّد ، إلاّ أنّه يخالفه من جهة التستّر وجهل النسب وخلع برقع المروءة ، ولذلك عطفه على قوله : { غير مسافحات } سدّ المداخل الزني كلّها . وتقدّم الكلام على أنواع المعاشرة التي كان عليها أهل الجاهلية في أول هذه السورة .
وقرأه الكسائي بكسر الصاد وقرأه الجمهور بفتح الصاد .
وقوله : { فإذا أُحْصنّ } أي أحصنهنّ أزواجُهن ، أي فإذا تزوجن . فالآية تقتضي أنّ التزوّج شرط في إقامة حدّ الزنا على الإماء ، وأنّ الحدّ هو الجلد المعيّن لأنّه الذي يمكن فيه التنصيف بالعدد . واعلم أنّا إذا جرينا على ما حقّقناه ممّا تقدّم في معنى الآية الماضية تعيّن أن تكون هذه الآية نزلت بعد شرع حدّ الجلد للزانية والزاني بآية سورة النور . فتكون مخصّصة لعموم الزانية بغير الأمة ، ويكون وضع هذه الآية في هذا الموضع ممّا ألحق بهذه السورة إكمالا للأحكام المتعلّقة بالإماء كما هو و اقع في نظائر عديدة ، كما تقدّم في المقدّمة الثامنة من مقدّمات هذا التفسير . وهذه الآية تحيّر فيها المتأوّلون لاقتضائها أن لا تحدّ الأمة في الزنى إلاّ إذا كانت متزوّجة ، فتأوّلها عمر بن الخطاب ، وابن مسعود ، وابن عُمَر بأنّ الإحصان هنا الإسلام ، ورأوا أنّ الأمة تحدّ في الزنا سواء كانت متزوّجة أم عزبى ، وإليه ذهب الأيّمة الأربعة . ولا أظنّ أنّ دليل الأيّمة الأربعة هو حمل الإحصان هنا على معنى الإسلام ، بل ما ثبت في « الصحيحين » أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن ؛ فأوجب عليها الحدّ . قال ابن شهاب فالأمة المتزوّجة محدودة بالقرآن ، والأمة غير المتزوّجة محدودة بالسنّة . ونِعْم هذا الكلام . قال القاضي إسماعيل بن إسحاق : في حمل الإحصان في الآية على الإسلام بُعد ؛ لأنّ ذكر إيمانهن قد تقدّم في قوله : { من فتياتكم المؤمنات } وهو تدقيق ، وإن أباه ابن عطية .
وقد دلّت الآية على أنّ حدّ الأمة الجلد ، ولم تذكر الرجم ، فإذا كان الرجم مشروعاً قبل نزولها دلّت على أنّ الأمة لا رجم عليها ، وهو مذهب الجمهور ، وتوقّف أبو ثور في ذلك ، وإن كان الرجم قد شرع بعد ذلك فلا تدلّ الآية على نفي رجم الأمة ، غير أنّ قصد التنصيف في حدّها يدلّ على أنّها لا يبلغ بها حدّ الحرّة ، فالرجم ينتفي لأنّه لا يقبل التجزئة ، وهو ما ذَهِل عنه أبو ثور .
وقد روي عن عمر بن الخطاب : أنّه سئل عن حدّ الأمة فقال : « الأمة ألقت فَروة رأسها من وراء الدار » أي ألقت في بيت أهلها قناعها ، أي أنّها تخرج إلى كلّ موضع يرسلها أهلها إليه لا تقدر على الامتناع من ذلك ، فتصير إلى حيث لا تقدر على الامتناع من الفجور ، قالوا : فكان يرى أن لا حدّ عليها إذا فجرت ما لم تتزوّج ، وكأنّه رأى أنّها إذا تزوّجت فقد منعها زوجها . وقولُه هذا وإن كان غير المشهور عنه ، ولكنّنا ذكرناه لأنّ فيه للمتبصّر بتصريف الشريعة عبرة في تغليظ العقوبة بمقدار قوّة الخيانة وضعف المعذرة .
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وابن عامر ، وحفص عن عاصم ، وأبو جعفر ، ويعقوب : { أحصن } بضمّ الهمزة وكسر الصاد مبنيّا للنائب ، وهو بمعنى مُحْصَنات المفتوح الصاد . وقرأه حمزة ، والكسائي وأبو بكر عن عاصم ، وخلَف : بفتح الهمزة وفتح الصاد ، وهو معنى محصِنات بكسر الصاد .
وقوله : { ذلك لمن خشى العنت منكم } إشارة إلى الحكم الصالح لأن يتقيّد بخشية العنت ، وذلك الحكم هو نكاح الإماء .
والعنت : المشقّة ، قال تعالى : { ولو شاء الله لأعنتكم } [ البقرة : 220 ] وأريد به هنا مشقّة العُزبة التي تكون ذريعة إلى الزنا ، فلذلك قال بعضهم : أريد العَنت الزنا .
وقوله : { وأن تصبروا خير لكم } أي إذا استطعتم الصبر مع المشقّة إلى أن يتيسّر له نكاح الحرّة فذلك خير ، لئلا يوقع أبناءه في ذلّ العبودية المكروهة للشارع لولا الضرورة ، ولئلا يوقع نفسه في مذّلة تصرّف الناس في زوجه .
وقوله : { والله غفور رحيم } أي إن خفتم العَنت ولم تصبروا عليه ، وتزوّجتم الإماء ، وعليه فهو مؤكّد لمعنى الإباحة . مؤذن بأنّ إباحة ذلك لأجل رفع الحرج ، لأنّ الله رحيم بعباده . غفور فالمغفرة هنا بمعنى التجاوز عمّا ما يقتضي مقصدُ الشريعة تحريمَه ، فليس هنا ذنب حتّى يغفر .