تفسير الأعقم - الأعقم  
{وَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن يَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِيمَٰنِكُمۚ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَٰتٍ غَيۡرَ مُسَٰفِحَٰتٖ وَلَا مُتَّخِذَٰتِ أَخۡدَانٖۚ فَإِذَآ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَيۡنَ بِفَٰحِشَةٖ فَعَلَيۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡۚ وَأَن تَصۡبِرُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (25)

قوله تعالى : { ومن لم يستطع منكم طولاً } الطول : المال والسعة ، إذا لم يبلغ نكاح الحرَّة فلينكح أَمَة ، قال ابن عباس : من ملك ثلاثمائة درهم فقد وجب عليه الحج وحرِّم عليه نكاح الإِماء وهو ظاهر وعليه مذهب الشافعي ( رحمه الله ) ، وأما أبو حنيفة فيقول : الفقير والغني سواء في جواز نكاح الأمة ، قوله تعالى : { من فتياتكم المؤمنات } أي فلينكح من الاماء المؤمنات ، والمراد اماء الغير لأنه لا يجوز أن يتزوج بأمَة نفسه لا من فتيات غيركم وهم المخالفون في الدين ، قال جار الله : فإن قلت : ما معنى قوله تعالى : { والله أعلم بإيمانكم } ؟ قلتُ : معناه الله أعلم بتفاضل ما بينكم وبين أرقائكم في الإِيمان ورجحانه ونقصانه وربما كان إيمان الأمة أرجح من إيمان الحرَّة ، قوله تعالى : { بعضكم من بعض } أي أنتم وأرقائكم متواصلون متناسبون لاشتراككم في الإِيمان قوله تعالى : { فانكحوهنَّ بإذن أهلهنَّ } اشتراط لإذن الموالي في نكاحهنَّ ، قوله تعالى : { وآتوهنَّ أجورهنَّ بالمعروف } يعني وأدُّوا إليهنَّ مهورهنَّ بغير مطل وضرار وإحواج إلى الاقتضاء ، قال جار الله : فإن قلتَ : الموالي هم مُلاَّك مهورهنَّ لا هنَّ والواجب آداؤها إليهم فلم قيل : { وآتوهنَّ } ؟ قلتُ : لأنهنَّ وما في أيديهنَّ مال الموالي ، فكان آداؤها إليهنَّ آداء مال الموالي أو على أن أصله فآتوا مواليهنَّ فحذف المضاف { محصنات } عفائف { غير مسافحات } زواني ، وقيل : نكاح لا سفاح ، { ولا متخذات أخذان } والأخدان الاخلاء في السر ، قوله تعالى : { فإذا أحصنَّ } بالتزويج { فإن أتينَ بفاحشة فعليهنَّ نصف ما على المحصنات من العذاب } أي ما على الحرائر من الحدّ كقوله تعالى : { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } [ النور : 2 ] { ويدرأ عنها العذاب } [ النور : 8 ] ولا رجم على الاماء لأن الرجم لا يتنصف { ذلك } إشارة إلى نكاح الاماء ، قوله تعالى : { لمن خشي العنت منكم } لمن خاف الاثم الذي تؤدي إليه غلبة الشهوة ، وأصل العنت : إنكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة وضرر ولا ضرر أعظم من مواقعة المآثِم ، وقيل : أريد به الحدّ وعن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " الحرائر صلاح البيت والاماء هلاك البيت " قوله تعالى : { وأن تصبروا خير لكم } يعني وصبركم عن نكاح الإماء متعففين خير لكم .