جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ مِنكُمۡ طَوۡلًا أَن يَنكِحَ ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ فَمِن مَّا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُم مِّن فَتَيَٰتِكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۚ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِيمَٰنِكُمۚ بَعۡضُكُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ وَءَاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِ مُحۡصَنَٰتٍ غَيۡرَ مُسَٰفِحَٰتٖ وَلَا مُتَّخِذَٰتِ أَخۡدَانٖۚ فَإِذَآ أُحۡصِنَّ فَإِنۡ أَتَيۡنَ بِفَٰحِشَةٖ فَعَلَيۡهِنَّ نِصۡفُ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡصَنَٰتِ مِنَ ٱلۡعَذَابِۚ ذَٰلِكَ لِمَنۡ خَشِيَ ٱلۡعَنَتَ مِنكُمۡۚ وَأَن تَصۡبِرُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡۗ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (25)

{ ومن لم يستطع منكم{[980]} طولا } فضلا وزيادة في المال يبلغ بها نكاح المحصنات ، فهو مفعول يستطع{[981]} { أن ينكح المحصنات } أي : الحرائر متعلق بطولا على حذف حرف الجر أي : إلى أن ينكح { المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم } أي : فلينكح أمة غيره { من فتياتكم المؤمنات } فلا يجوز نكاح الأمة الكتابية ، وقال بعضهم{[982]} : طول المحصنات هو أن يملك فراشها على أن النكاح الجماع ، وحمل قوله : ( من فتياتكم المؤمنات ) على الإرشاد بالأفضل فعنده جاز نكاح الأمة الكتابية إذا لم يكن تحته حرة { والله أعلم بإيمانكم } فاكتفوا بظاهر الإيمان والله أعلم بالسرائر { بعضكم من بعض } أنتم وأرقائكم في النسب والدين متناسبون فلا تستنكفوا عنها عند الحاجة { فانكحوهن بإذن أهلهن } أي : أربابهن { وآتوهن أجورهن } مهورهن { بالمعروف } بغير نقص ومطل استهانة بهن { محصنات } عفائف حال من مفعول فانكحوا { غير مُسافِحات{[983]} } مجاهرات بالزنا { ولا متخذات أخدان } أحباب يزنون بهن في السر ، كانت العرب تحرم الأولى لا الثانية { فإذا أُحصن } بالتزوج ، ومن قرأ بفتح الهمزة والصاد فمعناه : حفظهن فروجهن أو أسلمن { فإن أتين بفاحشة } زنا { فعليهن نصف ما على المحصنات } الحرائر الأبكار { من العذاب } من الحد ، والجمهور على أن حد الأمة مزوجة أو بكرا خمسون جلدة ؛ ففائدة الشرط نفي ما يتوهم من تفاوت حالهن قبل التزوج وبعده كما في الحرائر{[984]} وعند بعض السلف أنه لا حد على غير المحصنة منها بل تضرب تأديبا { ذلك } أي : نكاح الأمة { لمن خشي العَنَت{[985]} منكم } أي : خاف الوقوع في الزنا ، يعني : المشقة بغلبة الشهوة فلنكاح الأمة شرطان : عدم الطول وخوف العنت { وأن تصبروا } عن نكاح الأمة مع العفاف { خير لكم } لئلا يصير{[986]} الولد عبدا { والله غفور } لمن لم يصب { رحيم } بأن رخص .


[980]:وقيل: من طال على الأمر إذا غلبه وتمكن منه، فتقديره: على أن ينكح/12 وجيز.
[981]:أي: لم يستطع زيادة في الحال/12 منه.
[982]:أبو حنيفة وأصحابه/12 منه.
[983]:السفاح مذموم عند الكل لكن الاختصاص بواحد في السر لا يذمه العرب في الجاهلية/12 منه.
[984]:فإن حال الحرائر بعد التزوج ليس كحالها قبل التزوج فربما يوهم أن الإماء أيضا كذلك/12 منه.
[985]:أصل العنت انكسار العظم بعد الجبر فاستعير لكل مشقة/12 وجيز.
[986]:وفي سنن ابن ماجة قال صلى الله عليه وسلم: (من أراد أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر)/12 وجيز. [وأخرجه ابن عدي (164/2) وعنه ابن عساكر (4/284/1) كما قال الشيخ الألباني في (السلسلة الضعيفة) (1417)].