المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلۡجَرَادَ وَٱلۡقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَٰتٖ مُّفَصَّلَٰتٖ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (133)

133- فأنزل اللَّه عليهم مزيدا من المصائب والنكبات : بالطوفان الذي يغشى أماكنهم ، وبالجراد الذي يأكل ما بقى من نبات أو شجر ، وبالقمل وهو حشرة تفسد الثمار وتقضى على الحيوان والنبات ، وبالضفادع التي تنتشر فتنغص عليهم حياتهم وتذهب بصفائها ، وبالدم الذي يسبب الأمراض الكثيرة كالنزيف من أي جسم ، والدم الذي ينحبس فيسبب ضغطا أو ينفجر فيسبب شللا ، ويشمل البول الدموي بسبب البلهارسيا ونحوها ، أو الذي تحول إليه ماؤهم الذي يستخدمونه في حاجات معاشهم ، أصابهم اللَّه بهذه الآيات المميزات الواضحات فلم يتأثروا بها ، وجمدت قرائحهم وفسد ضميرهم ، فعتوا عن الإيمان والرجوع إلى الحق من حيث هو حق ، وكانوا قوما موغلين في الإجرام كما هو شأنهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلۡجَرَادَ وَٱلۡقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَٰتٖ مُّفَصَّلَٰتٖ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (133)

فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ أي : الماء الكثير الذي أغرق أشجارهم وزروعهم ، وأضر بهم ضررا كثيرا وَالْجَرَادَ فأكل ثمارهم وزروعهم ، ونباتهم وَالْقُمَّلَ قيل : إنه الدباء ، أي : صغار الجراد ، والظاهر أنه القمل المعروف وَالضَّفَادِعَ فملأت أوعيتهم ، وأقلقتهم ، وآذتهم أذية شديدة وَالدَّمَ إما أن يكون الرعاف ، أو كما قال كثير من المفسرين ، أن ماءهم الذي يشربون انقلب دما ، فكانوا لا يشربون إلا دما ، ولا يطبخون إلا بدم .

آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ أي : أدلة وبينات على أنهم كانوا كاذبين ظالمين ، وعلى أن ما جاء به موسى ، حق وصدق فَاسْتَكْبَرُوا لما رأوا الآيات وَكَانُوا في سابق أمرهم قَوْمًا مُجْرِمِينَ فلذلك عاقبهم اللّه تعالى ، بأن أبقاهم على الغي والضلال .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلۡجَرَادَ وَٱلۡقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَٰتٖ مُّفَصَّلَٰتٖ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (133)

{ فأرسلنا عليهم الطوفان } ماء طاف بهم وغشى أماكنهم حروثهم من مطر أو سيل . وقيل الجدري . وقيل الموتان . وقيل الطاعون . { والجراد والقمّل } قيل هو كبار القردان ، وقيل أولاد الجراد قبل نبات أجنحتها . { والضفادع والدّم } روي : أنهم مطروا ثمانية أيام في ظلمة شديدة لا يقدر أحد أن يخرج من بيته ، ودخل الماء بيوتهم حتى قاموا فيه إلى تراقيهم ، وكانت بيوت بني إسرائيل مشتبكة ببيوتهم فلم يدخل فيها قطرة ، وركد على أراضيهم فمنعهم من الحرث والتصرف فيها ، ودام ذلك عليهم أسبوعا فقالوا لموسى : ادع لنا ربك يكشف عنا ونحن نؤمن بك ، فدعا الله فكشف عنهم ونبت لهم من الكلأ والزرع تأكل الأبواب والسقوف والثياب ففزعوا إليه ثانيا فدعا وخرج إلى الصحراء ، وأشار بعصاه نحو المشرق والمغرب فرجعت إلى النواحي التي جاءت منها فلم يؤمنوا ، فسلط الله عليهم القمل فأكل ما أبقاه الجراد وكان يقع في أطعمتهم ويدخل بين أثوابهم وجلودهم فيمصها ، ففزعوا إليه فرفع عنهم فقالوا : قد تحققنا الآن أنك ساحر ، ثم أرسل الله عليهم الضفادع بحيث لا يكشف ثوب ولا طعام إلا وجدت فيه ، وكانت تمتلئ منها مضاجعهم وتثب إلى قدورهم وهي تغلي ، وأفواههم عند التكلم ففزعوا إليه وتضرعوا ، فأخذ عليهم العهود ودعا فكشف الله عنهم ثم نقضوا العهود ، ثم أرسل عليهم الدم فصارت مياههم دما حتى كان يجتمع القبطي مع الإسرائيلي على إناء فيكون ما يلي القبطي دما وما يلي الإسرائيلي ماء ، ويمص الماء من فم الإسرائيلي فيصير دما في فيه . وقيل سلط الله عليهم الرعاف . { آيات } نصب على الحال . { مُفصّلات } مبينات لا تشكل على عاقل أنها آيات الله ونقمته عليهم ، أو مفصلات لامتحان أحوالهم إذ كان بين كل اثنتين منها شهر وكان امتداد كل واحدة أسبوعا ، وقيل أن موسى لبث فيهم بعدما غلب السحرة عشرين سنة يريهم هذه الآيات على مهل . { فاستكبروا } عن الإيمان . { وكانوا قوما مجرمين } .