فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلۡجَرَادَ وَٱلۡقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَٰتٖ مُّفَصَّلَٰتٖ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (133)

فعند ذلك نزلت بهم العقوبة من الله عزّ وجلّ المبينة بقوله : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطوفان } وهو المطر الشديد . قال الأخفش : واحده طوفانة ، وقيل : هو مصدر كالرجحان والنقصان فلا واحد له . وقيل الطوفان : الموت . وقال النحاس : الطوفان في اللغة ما كان مهلكاً من موت أو سيل ، أي ما يطيف بهم فيهلكهم . { والجراد } هو الحيوان المعروف . أرسله الله لأكل زروعهم فأكلها . { والقمل } قيل : هي الدباء . والدباء : الجراد قبل أن تطير ، وقيل : هي السوس ، وقيل : البراغيث ، وقيل : دواب سود صغار ، وقيل : ضرب من القردان ، وقيل : الجعلان . قال النحاس : يجوز أن تكون هذه الأشياء كلها أرسلت عليهم . وقرأ الحسن «القمل » بفتح القاف وإسكان الميم . وقرأ الباقون بضم القاف وفتح الميم مشددة . وقد فسّر عطاء الخراساني «القمل » بالقمل { والضفادع } جمع ضفدع ، وهو الحيوان المعروف الذي يكون في الماء . { والدم } روي أنه سال النيل عليهم دماً . وقيل : هو الرعاف .

قوله : { آيَاتٍ مّفَصَّلاَت } أي مبينات . قال الزجاج : هو منصوب على الحال . والمعنى : أرسلنا عليهم هذه الأشياء حال كونها آيات بينات ظاهرات { فاستكبروا } أي ترفعوا عن الإيمان بالله { وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } لا يهتدون إلى حق ، ولا ينزعون عن باطل .

/خ136