تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلۡجَرَادَ وَٱلۡقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَٰتٖ مُّفَصَّلَٰتٖ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (133)

الآية 133 وقوله تعالى : { فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد } إلى آخر ما ذكر . قال أهل التأويل : قالوا : ذلك أرسل الله بعد السنين ونقص الثمرات الطوفان والآيات التي ذكر . ويحتمل أن يكون هذا ، وإن كان مؤخرا في الذكر ، فهو مقدّم لما قال : { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات }{ فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد } إلى آخره { لعلهم يذكرون }أي يتّعظون .

ثم اختلف أهل التأويل في الطوفان : قال بعضهم : الطوفان الماء والمطر حتى خافوا الهلاك ، وهو قول ابن عباس . وعن عائشة [ أنها ]{[8854]} قالت : ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الطوفان ، فقال : الموت ) [ أبو داوود : 3813 ] .

فإن ثبت فهو هو . وقيل : الطوفان هو أنواع العذاب .

والجراد هو المعروف ، والقمّل هو بنات الجراد ؛ يقال : الدّبى ، وقيل : هو الجراد الصغار التي لا أجنحة لها { والضفادع والدم آيات مفصّلات } أي مفرّقات [ واحدة بعد واحدة ]{[8855]} لم يرسل آية إلا بعد ذهاب أخرى [ بل أرسل ]{[8856]} بعضها على إثر بعض .

وقيل : { مفصّلات } أي بينات واضحات ما علم كل أحد [ أنها ليست من أحد ، وليست ]{[8857]} من عمل السحر ، ولكن آيات سماوية ؛ [ فلو كانت ]{[8858]}سحرا لتكلّفوا في دفعه{[8859]} ، واشتغلوا بالسحر على ما اشتغلوا بسحر العصا والحبال .

فإذا لم يتكلّفوا في ذلك لم يشتغلوا بدفع ذلك ، بل فزعوا إلى موسى ليكشف ذلك عنهم ، ووعدوا له الإيمان به وإرسال بني إسرائيل معه .

دل فزعهم إليه في كشف ذلك عنهم على أنهم قد عرفوا [ أنها ليست بسحر ، ولكنها آيات ]{[8860]} أقرّوا بها أنها ليست بسحر ، وأنها آيات . إلا أنهم فزعوا عند ذلك إلى موسى .


[8854]:ساقطة من الأصل وم.
[8855]:في الأصل وم: واحد بعد واحد.
[8856]:ساقطة من الأصل وم.
[8857]:في الأصل وم: أنه ليس من أحد وليس.
[8858]:في الأصل وم: أن لو.
[8859]:في الأصل وم: وقعه.
[8860]:في الأصل وم: أنه ليس بسحر ولكنه آية.