محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلۡجَرَادَ وَٱلۡقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ ءَايَٰتٖ مُّفَصَّلَٰتٖ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ وَكَانُواْ قَوۡمٗا مُّجۡرِمِينَ} (133)

[ 133 ] { فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين ( 133 ) } .

{ فأرسلنا عليهم الطوفان } أي على آل فرعون . وأما قوم موسى فلطف تعالى بهم ، فلم ينلهم ولا محا لهم سوء من الطوفان ولا غيره . والطوفان ( لغة ) هو المطر الغالب ، ويطلق على كل حادثة تطيف بالإنسان وتحيط به . فعمّ الطوفان الصحراء وأتلف عشبها ، وكسر شجرها ، وتواصلت الرعود والبروق ، ونيران الصواعق في جميع أرض مصر { والجراد } فأكل جميع عشب أرض مصر والثمر ، مما تركه الطوفان ، حتى لم يبق شيء من ثمرة ولا خضرة في الشجرة ، ولا عشب في الصحراء { والقمل } فعم أرض مصر ، وكان على الناس والبهائم ، وهو بضم وتشديد ك ( سكر ) صغار الذرّ ، أو شيء صغير بجناح أحمر . أو دواب صغار من جنس القردان ، أو الدبي الذي لا أجنحة له ، وهو الجراد الصغار .

قال أبو البقاء : { القمل } يقرأ بالتشديد والتخفيف مع فتح القاف وسكون الميم . قيل : هما لغتان . وقيل هما القمل المعروف في الثياب ونحوهما ، والمشدد يكون في الطعام- انتهى .

/ وردّ ابن سيده ، وتبعه المجد في ( القاموس ) القول بأن المراد به قمل الناس . { والضفادع } فصعدت من الأنهار والخلج والمناقع ، وغطت أرض مصر { والدم } فصارت مياه مصر جميعها دما عبيطا ، ومات السمك فيها ، وأنتنت الأنهار ، ولم يستطع المصريون أن يشربوا منها شيئا { آيات مفصلات } أي مبينات لا يشكل على عاقل أنها آيات الله تعالى ونقمته ، أو مفرقات بعضها إثر بعض . { وآيات } حال من المنصوبات قبل { فاستكبروا } أي عن الإيمان ، فلم يؤمنوا لموسى ، ويرسلوا معه بني إسرائيل { وكانوا قوما مجرمين } أي عاصين كافرين .

قال الجشمي : تدل الآية على عناد القوم ، وإصرارهم على الكفر وجهلهم ، حيث عاهدوا في كل آية يأتي بها على صدقه وإثبات العهد ، أنهم لا يؤمنون بها . وليس هذا عادة من غرضه الحق . وتدل على ذم من يرى الآيات ولا يتفكر فيها . وتدل على وجوب التدبر في الآيات . انتهى .