قال الله تعالى : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطوفان } وهو المطر الدائم من السبت إلى السبت حتى خربت بنيانهم وانقطعت السبل وكادت أن تصير مصر بحراً واحداً ، فخافوا الغرق ، فاستغاثوا بموسى ، فأرسلوا إليه اكشف عنا العذاب نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل . فدعا موسى ربه ، فكشف عنهم المطر ، وأرسل الله عليهم الريح فجففت الأرض فخرج من النبات شيء لم يروا مثله بمصر قط . قالوا : هذا الذي جزعنا منه خير لنا ولكنا لم نشعر به . فلا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل . فنقضوا العهد ، وعصوا ربهم ، فمكثوا شهراً ، فدعا عليهم موسى فأرسل الله تعالى عليهم { الجراد } مثل الليل ، فكانوا لا يرون الأرض ، ولا السماء من كثرتها ، فأكل كل شيء أنبتته الأرض . فاستغاثوا بموسى { وَقَالُواْ يا أيها الساحر ادع لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } [ الزخرف : 49 ] يعني : يا أيها العالم سل لنا ربك ليكشف عنا العذاب ، ونؤمن بك ، ونرسل معك بني إسرائيل . فدعا موسى ربه ، فأرسل الله تعالى ريحاً فاحتملت الجراد وألقته في البحر فلم يبق في أرض مصر جرادة واحدة . فقال لهم فرعون : انظروا هل بقي شيء ؟ فنظروا فإذا هو قد بقي لهم بقية من كلئهم وزرعهم ما يكفيهم عامهم ذلك . قالوا : قد بقي لنا ما فيه بلغتنا هذه السنة . فقالوا : يا موسى لا والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل فمكثوا شهراً ثم دعا عليهم فأرسل الله تعالى عليهم { القُمَّل } . قال قتادة : القمل أولاد الجرادة التي لا تطير وهكذا قال السدي . وذكر عن أبي عبيدة أنه قال : القمل عند العرب الحمنان وهو ضرب من القردان فلم يبق من الأرض عود أخضر إلا أكلته . فأتاهم منه مثل السيل على وجه الأرض ، فأكل كل شيء في أرض مصر من نبات الأرض أو ثمر فصاحوا إلى موسى ، واستغاثوا به ، وقالوا : ادع لنا ربك هذه المرة يكشف عنا العذاب ونحن نطيعك ونعطيك عهداً وموثقاً لنؤمنن بك ، ولنرسلن معك بني إسرائيل . فدعا موسى ربه فأرسل الله تعالى ريحاً حارة فأحرقته فلم يبق منه شيء ، وحملته الريح ، فألقته في البحر ، فقال لهم موسى : أرسلوا معي بني إسرائيل ؟ فقالوا له : قد ذهبت الأنزال كلها فأيش تفعل بعد هذا ؟ فعلى أي شيء نؤمن بك ونرسل معك بني إسرائيل ؟ اذهب فما استطعت أن تضر بنا فافعل .
فمكثوا شهراً فدعا الله تعالى عليهم موسى ، فأرسل الله تعالى عليهم آية وهي { الضفادع } فخرجوا من البحر ، مثل الليل الدامس ، فغشوا أهل مصر ، ودخلوا البيوت ، ووقفوا على ثيابهم ، وسررهم ، وفرشهم ، وكان الرجل منهم يستيقظ بالليل فيجد فراشه وقد امتلأ من الضفادع ، فكان الرجل يكلم صاحبه في الطريق يجعل فمه في أذنه ليسمع كلامه من كثرة نعيق الضفادع . فضاق الأمر عليهم فصاحوا إلى موسى فقالوا يا موسى : لئن رفعت عنا هذه الضفادع لنؤمنن بك ولنرسلن معك بني إسرائيل . فدعا لهم موسى ربه فأذهب الله تعالى عنهم الضفادع . فقال لهم موسى : أرسلوا معي بني إسرائيل فقالوا : نعم اخرج بهم ولا تخرج معهم بشيء من مواشيهم وأموالهم . فقال لهم موسى : إن الله أمرني أن أخرج بهم ولا أخلف من أموالهم ومواشيهم شيئاً . فقالوا : والله لا نؤمن بك ولا نرسل معك بني إسرائيل . فمكثوا شهراً ، فدعا عليهم ، فأرسل الله تعالى عليهم { الدم } فجرت أنهارهم دماء ، فلم يكونوا يقدرون على الماء العذب ولا غيره ، وبنو إسرائيل في الماء العذب . وكلما دخل رجل من آل فرعون ليستقي من أنهار بني إسرائيل . صار الماء دماً من بين يديه ، ومن خلفه . فركب فرعون وأشراف أصحابه حتى أتوا أنهار بني إسرائيل فإذا هي عذبة صافية . فجعل فرعون يدخل الرجل منهم ، فإذا دخل واغترف صار الماء في يده دماً . فمكثوا كذلك سبعة أيام لا يشربون إلا الدم فمات كثير منهم في ذلك . فاستغاثوا بموسى فقال فرعون : اقسم بإلهك يا موسى لئن كشفت عنا الرجز ، لنؤمننّ بك ، ولنرسلن معك بني إسرائيل . فدعا موسى ربه فأذهب الله تعالى عنهم الدم ، وعذب ماؤهم وصفي . فعادوا إلى كفرهم فذلك قوله تعالى : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مّفَصَّلاَتٍ } يعني : متتابعات قال الحسن وسعيد بن جبير وغيرهما قالوا : مما كانوا يعافون بين كل آيتين شهراً فإذا جاءت الآية ، قامت عليهم سبعاً من السبت إلى السبت . وروي عن مجاهد أنه قال : { الطوفان } المطر الكثير وقوله { آيات } صارت نصباً للحال .
وقوله تعالى : { فاستكبروا } يعني : تعظّموا عن الإيمان { وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } يعني : أقاموا على كفرهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.