{ 31 } { قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ }
أي : قل لعبادي المؤمنين آمرا لهم بما فيه غاية صلاحهم وأن ينتهزوا الفرصة ، قبل أن لا يمكنهم ذلك : { يُقِيمُوا الصَّلَاة } ظاهرا وباطنا { وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } أي : من النعم التي أنعمنا بها عليهم قليلا أو كثيرا { سِرًّا وَعَلَانِيَةً } وهذا يشمل النفقة الواجبة كالزكاة ونفقة من تجب [ عليه ] نفقته ، والمستحبة كالصدقات ونحوها .
{ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ } أي : لا ينفع فيه شيء ولا سبيل إلى استدراك ما فات لا بمعاوضة بيع وشراء ولا بهبة خليل وصديق ، فكل امرئ له شأن يغنيه ، فليقدم العبد لنفسه ، ولينظر ما قدمه لغد ، وليتفقد أعماله ، ويحاسب نفسه ، قبل الحساب الأكبر .
ودعهم وانصرف عنهم إلى ( عبادي الذين آمنوا ) . انصرف عنهم إلى موعظة الذين تجدي فيهم الموعظة . الذين يتقبلون نعمة الله ولا يردونها ، ولا يستبدلون بها الكفر . انصرف إليهم تعلمهم كيف يشكرون النعمة بالعبادة والطاعة والبر بعباد الله :
( قل لعبادي الذين آمنوا : يقيموا الصلاة ، وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ، من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ) . .
قل لعبادي الذين آمنوا : يشكروا ربهم بإقامة الصلاة . فالصلاة أخص مظاهر الشكر لله . وينفقوا مما أنعمنا عليهم به من الرزق سرا وعلانية . سرا حيث تصان كرامة الآخذين ومروءة المعطين ، فلا يكون الإنفاق تفاخرا وتظاهرا ومباهاة . وعلانية حيث تعلن الطاعة بالإنفاق وتؤدى الفريضة ، وتكون القدوة الطيبة في المجتمع . وهذا وذلك متروك لحساسية الضمير المؤمن وتقديره للأحوال .
قل لهم : ينفقوا ليربو رصيدهم المدخر من قبل أن يأتي يوم لا تنمو فيه الأموال بتجارة ، ولا تنفع كذلك فيه صداقة ؛ إنما ينفع المدخر من الأعمال :
«العباد » جمع عبد ، وعرفه في التكرمة بخلاف العبيد{[7079]} . وقوله : { يقيموا } قالت فرقة من النحويين : جزمه بإضمار لام الأمر على حد قول الشاعر : [ الوافر ]
محمد تفد نفسك كل نفس{[7080]} . . . أنشده سيبويه - إلا أنه قال : إن هذا لا يجوز إلا في شعر . وقالت فرقة : أبو علي وغيره - هو فعل مضارع بني لما كان في معنى فعل الأمر ، لأن المراد : أقيموا ، وهذا كما بني الاسم المتمكن في النداء في قولك : يا زيد لما شبه بقبل وبعد{[7081]} ، وقال سيبويه : هو جواب شرط مقدر يتضمنه صدر الآية ، تقديره : إن تقل لهم أقيموا يقيموا .
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل أن يكون جواب الأمر الذي يعطينا معناه قوله : { قل } ، وذلك أن يجعل { قل } في هذه الآية بمعنى : بلغ وأد الشيعة يقيموا الصلاة{[7082]} ، وهذا كله على أن المقول هو : الأمر بالإقامة والإنفاق . وقيل إن المقول هو : الآية التي بعد ، أعني قوله : { الله الذي خلق السماوات } .
و «السر » : صدقة التنقل ، و «العلانية » المفروضة - وهذا هو مقتضى الأحاديث - وفسر ابن عباس هذه الآية بزكاة الأموال مجملاً ، وكذلك فسر الصلاة بأنها الخمس - وهذا منه - عندي - تقريب للمخاطب .
و { خلال } مصدر من خلل : إذا واد وصافى ، ومنه الخلة والخليل وقال امرؤ القيس : [ الطويل ]
صرفت الهوى عنهن من خشية الردى . . . ولست بمقلي الخلال ولا قال{[7083]}
وقال الأخفش : «الخلال » جمع خلة .
وقرأ نافع وعاصم وحمزة والكسائي وابن عامر : «لا بيع ولا خلال » بالرفع على إلغاء «لا » وقرأ أبو عمرو والحسن وابن كثير : «ولا بيعَ ولا خلالَ » بالنصب على التبرية ، وقد تقدم هذا . والمراد بهذا اليوم يوم القيامة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.