لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا بَيۡعٞ فِيهِ وَلَا خِلَٰلٌ} (31)

قوله تعالى { قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة } يعني يقيموا الصلاة الواجبة ، وإقامتها إتمام أركانها { وينفقوا مما رزقناهم } قيل أراد بهذا الإنفاق إخراج الزكاة الواجبة ، وقيل : أراد به جميع الإنفاق في جميع وجوه الخير والبر وحمله على العموم أولى ليدخل فيه إخراج الزكاة ، والإنفاق في جميع وجوه البر { سراً وعلانية } يعني ينفقون أموالهم في حال السر وحال العلانية ، وقيل : أراد بالسر صدقة التطوع وبالعلانية إخراج الزكاة الواجبة { من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه } قال أبو عبيدة : البيع هنا الفداء يعني لا فداء في ذلك اليوم { ولا خلال } يعني ولا خلة ، وهي المودة والصداقة التي تكون مخاللة بين اثنين . وقال مقاتل : إنما هو يوم لا بيع فيه ولا شراء مخاللة ولا قرابة ، إنما هي الأعمال إما أن يثاب بها أو يُعاقَب عليها . فإن قلت كيف نفى الخلة في هذه الآية ، وفي الآية التي في سورة البقرة وأثبتها في قوله { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } قلت : الآية الدالة على نفي الخلة محمولة على نفي الخلة الحاصلة ، بسبب ميل الطبيعة ، ورعونة النفس ، والآية الدالة على حصول الخلة وثباتها محمولة على الخلة الحاصلة بسبب محبة الله ألا تراه أثبتها للمتقين فقط ، ونفاها عن غيرهم . وقيل : إن ليوم القيامة أحوالاً مختلفة ، ففي بعضها يشتغل كل خليله عن خليله وفي بعضها يتعاطف الأخلاء بعضهم على بعض . إذا كانت تلك المخالة لله في محبته .