{ قُل لعِبَادِي الذين آمَنُوا يُقِيمُوا الصلاة وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّا وَعَلانِيَةً } لما أمره بأن يقول للمبدّلين نعمة الله كفراً الجاعلين لله أنداداً ما قاله لهم ، أمره سبحانه أن يقول للطائفة المقابلة لهم ، وهي طائفة المؤمنين ، هذا القول ، والمقول محذوف دلّ عليه المذكور ، أي : قل لعبادي : أقيموا وأنفقوا ويقيموا وينفقوا ، فجزم { يقيموا } على أنه جواب الأمر المحذوف ، وكذلك { ينفقوا } ، ذكر معنى هذا الفراء . وقال الزجاج : إنّ يقيموا مجزوم بمعنى اللام ، أي : ليقيموا فأسقطت اللام ، ثم ذكر وجهاً آخر للجزم مثل ما ذكره الفراء . وانتصاب { سرًّا } و{ علانية } ، إما على الحال ، أي : مسرين ومعلنين ، أو على المصدر ، أي : إنفاق سرّ وإنفاق علانية ، أو على الظرف ، أي : وقت سرّ ووقت علانية . قال الجمهور : السرّ : ما خفي . والعلانية : ما ظهر . وقيل : السرّ : التطوّع ، والعلانية الفرض ، وقد تقدم بيان هذا عند تفسير قوله : { إِن تُبْدُوا الصدقات فَنِعِمَّا هِيَ } [ البقرة : 271 ] { مّن قَبْلِ أَن يَأْتِي يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خلال } قال أبو عبيدة : البيع ها هنا : الفداء ، والخلال : المخالة ، وهو مصدر . قال الواحدي : هذا قول جميع أهل اللغة ، وقال أبو عليّ الفارسي : يجوز أن يكون جمع خلة مثل برمة وبرام وعلبة وعلاب ، والمعنى : أن يوم القيامة لا بيع فيه حتى يفتدي المقصر في العمل نفسه من عذاب الله بدفع عوض عن ذلك ، وليس هناك مخاللة حتى يشفع الخليل لخليله ، وينقذه من العذاب ، فأمرهم سبحانه بالإنفاق في وجوه الخير مما رزقهم الله ، ما داموا في الحياة الدنيا قادرين على إنفاق أموالهم من قبل أن يأتي يوم القيامة ؛ فإنهم لا يقدرون على ذلك ، بل لا مال لهم إذ ذاك ، فالجملة ، أعني : { مّن قَبْلِ أَن يَأْتِي يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خلال } ، لتأكيد مضمون الأمر بالإنفاق مما رزقهم الله ، ويمكن أن يكون فيها أيضاً تأكيد لمضمون الأمر بإقامة الصلاة ؛ وذلك لأن تركها كثيراً ما يكون سبب الاشتغال بالبيع ، ورعاية حقوق الأخلاء ، وقد تقدم في البقرة تفسير البيع والخلال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.