المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ثَانِيَ عِطۡفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۖ لَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (9)

9- وهو مع ذلك يلوى جانبه تكبّراً وإعراضاً عن قبول الحق . وهذا الصنف من الناس سيصيبه خزي وهوان في الدنيا بنصر كلمة الحق ، ويوم القيامة يعذبه الله بالنار المحرقة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثَانِيَ عِطۡفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۖ لَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (9)

إن هي إلا شبهات ، يوحيها إليه الشيطان { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ } ومع هذا { ثَانِيَ عِطْفِهِ } أي : لاوي جانبه وعنقه ، وهذا كناية عن كبره عن الحق ، واحتقاره للخلق ، فقد فرح بما معه من العلم غير النافع ، واحتقر أهل الحق وما معهم من الحق ، { لِيُضِلَّ } الناس ، أي : ليكون من دعاة الضلال ، ويدخل تحت هذا جميع أئمة الكفر والضلال ، ثم ذكر عقوبتهم الدنيوية والأخروية فقال : { لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ } أي : يفتضح هذا في الدنيا قبل الآخرة ، وهذا من آيات الله العجيبة ، فإنك لا تجد داعيا من دعاة الكفر والضلال ، إلا وله من المقت بين العالمين ، واللعنة ، والبغض ، والذم ، ما هو حقيق به ، وكل بحسب حاله .

{ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ } أي : نذيقه حرها الشديد ، وسعيرها البليغ ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثَانِيَ عِطۡفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۖ لَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (9)

والتعبير يرسم صورة لهذا الصنف من الناس . صورة فيها الكبر المتعجرف : ( ثاني عطفه )مائلا مزورا بجنبه . فهو لا يستند إلى حق فيعوض عن هذا بالعجرفة والكبر . ( ليضل عن سبيل الله )فلا يكتفي بأن يضل ، إنما يحمل غيره على الضلال .

هذا الكبر الضال المضل لا بد أن يقمع ، ولا بد أن يحطم : ( له في الدنيا خزي ) فالخزي هو المقابل للكبر . والله لا يدع المتكبرين المتعجرفين الضالين المضلين حتى يحطم تلك الكبرياء الزائفة وينكسها ولو بعد حين . إنما يمهلهم أحيانا ليكون الخزي أعظم ، والتحقير أوقع . أما عذاب الآخرة فهو أشد وأوجع : ( ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ) .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثَانِيَ عِطۡفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۖ لَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (9)

{ ثاني عطفه } متكبرا وثنى العطف كناية عن التكبر كلي الجيد ، أو معرضا عن الحق استخفافا به . وقرئ بفتح العين أي مانع تعطفه . { ليضل عن سبيل الله } علة للجدال ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ورويس بفتح الياء على أن إعراضه عن الهدى المتمكن منه بالإقبال على الجدال الباطل خروج من الهدى إلى الضلال ، وأنه من حيث مؤداه كالغرض له . { له في الدنيا خزي } وهو ما أصابه يوم بدر . { ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق } المحروق وهو النار .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثَانِيَ عِطۡفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۖ لَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (9)

الثّنْيُ : لَيُّ الشيء . يقال : ثنى عنان فرسه ، إذا لواه ليدير رأس فرسه إلى الجهة التي يريد أن يوجهه إليها . ويطلق أيضاً الثّني على الإمالة .

والعِطف : المنكب والجانب . و { ثاني عطفه } تمثيل للتكبر والخيلاء . ويقال : لوى جيدَه ، إذا أعرض تكبراً . وهذه الصفة تنطبق على حالة أبي جهل فلذلك قيل إنه المراد هنا .

واللام في قوله { ليُضل } لتعليل المجادلة ، فهو متعلّق ب { يجادل } أي غرضه من المجادلة الإضلال .

وسبيل الله : الدّين الحق .

وقوله { ليُضل } بضم الياء أي ليُضلل الناسَ بجداله . فهذا المجادل يريد بجدله أن يوهم العامة بطلان الإسلام كيلا يتبعوه .

وإفراد الضمير في قوله { عطفه } وما ذكر بعده مراعاةٌ للفظ ( مَن ) وإنْ كان معنى تلك الضمائر الجمع .

وخزي الدنيا : الإهانة ، وهو ما أصابهم من القتل يوم بَدر ومن القتل والأسر بعد ذلك . وهؤلاء هم الذين لم يسلموا بعدُ . وينطبق الخزي على ما حصل لأبي جهل يوم بدر من قتله بيد غلامين من شباب الأنصار وهما ابنا عفراء . وباعتلاء عبد الله بن مسعود على صدره وذبحه وكان في عظمته لا يخطر أمثال هؤلاء الثلاثة بخاطره .

وينطبق الخزيُ أيضاً على ما حلّ بالنضر بن الحارث من الأسر يوم بدر وقتله صبراً في موضع يقال له : الأثَيْل قرب المدينة عقب وقعة بدر كما وصفته أخته قتيلة في رثائه من قصيدة :

صبْراً يقاد إلى المنية متعَبا *** صبرَ المقيّد وهو عَاننٍ مُوثق

وإذ كانت هذه الآية ونظيرتها التي سبقت مما نزل بمكة لا محالة كان قوله تعالى : { له في الدنيا خزي } من الإخبار بالغيب وهو من معجزات القرآن .

وإذاقة العذاب تخييل للمكنيّة .