تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثَانِيَ عِطۡفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۖ لَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (9)

الآية 9 : وقوله تعالى : { ثاني عطفه } قال بعضهم : لاوي عنقه إلى معصية الله . وقال بعضهم : ناظرا في عطفه أي في جانبه . وقيل مثل هذا . لكن حقيقته تخرج على وجهين :

أحدهما : على التمثيل والكناية عن إعراضه عن دين الله الحق والصدود عنه كقوله : { انقلب على وجهه } [ الحج : 11 ] وقوله : { انقلبتم على أعقابكم } [ آل عمران : 144 ] ونحوه ، كله على التمثيل والكناية عن الإعراض عن الحق والصدود لا على حقيقة الانقلاب على الأعقاب . فعلى ذلك /346-أ/ جائز قوله : { ثاني عطفه } يخرج على التمثيل والكناية عن الإعراض عن الحق .

والثاني{[12914]} : جائز أن يكون على حقيقة عطف العنق والميل عنهم تكبرا وتجبرا منه عليهم .

ثم بين أنه لم يفعل [ ذلك ] {[12915]} فقال : { ليضل عن سبيل الله } . ثم أخبر ماله في الدنيا [ بصنعه ، فقال : { له في الدنيا خزي } قال بعضهم : الخزي ] {[12916]} هو العذاب الذي يفضحه .

وأصل الخزي الهوان والذل . وهو لما أعرضوا عن عبادة الله ودينه بلوا بعبادة الأصنام واتباع الشيطان ، فذلك الخزي لهم في الدنيا . ثم أخبر ماله في الآخرة من الجزاء ، فقال : { ويذيقه يوم القيامة عذاب الحريق } .

وعامة أهل التأويل يصرفون الآية إلى واحد منهم ، وهو النَضْرُ بْنُ الحارث ، ويقولون{ له في الدنيا خزي } لأنه أسر يوم بدر ، فضرب عنقه ، وقتل صبرا . فذلك الخزي له .

والحسن يقول : هذا الخزي لجميع الكفرة لأنه لم يزل هذا صنيعهم منذ كانوا ، فلهم الخزي ، في الدنيا الخسف والحصب على ما كان في الأمم الخالية .


[12914]:في الأصل و م: و.
[12915]:ساقطة من الأصل و م.
[12916]:من م، في الأصل: خزي.