إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ثَانِيَ عِطۡفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۖ لَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (9)

{ ثَانِي عِطْفِهِ } حالٌ أخرى من فاعلِ يُجادل أي عاطفاً لجانبه وطاوياً كَشْحَه مُعرضاً متكبِّراً فإنَّ ثنْيَ العطفِ كنايةٌ عن التَّكبُّرِ . وقُرئ بفتحِ العينِ أي مانعاً لتعطُّفِه .

{ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ الله } متعلِّقٌ بيجادلُ فإنَّ غرضَه الإضلالُ عنه وإن لم يعترفْ بأنَّه إضلالٌ . والمرادُ به إمَّا الإخراجُ من الهُدى إلى الضَّلالِ فالمفعولُ مَن يُجادلُه من المؤمنينَ أَو النَّاس جميعاً بتغليب المؤمنين على غيرِهم وإمَّا التَّثبيتُ على الضَّلالِ أو الزِّيادةُ عليه مجازاً فالمفعولُ هم الكفرةُ خاصَّةً . وقُرئ بفتح الياءِ وجُعل ضلالُه غايةً لجدالِه من حيثُ إنَّ المرادَ به الضَّلالُ المبينُ الذي لا هدايةَ له بعدَهُ مع تمكُّنِه منها قبلَ ذلك { لَهُ في الدنيا خِزْيٌ } جملةٌ مستأنفةٌ مسُوقةٌ لبيانِ نتيجةِ ما سلكَه من الطَّريقةِ أي يثبُت له في الدُّنيا بسببِ ما فعله خزيٌ وهُو ما أصابَه يومَ بدرٍ من القتلِ والصَّغَارِ { وَنُذِيقُهُ يَوْمَ القيامة عَذَابَ الحريق } أي النَّارِ المُحرقةَ .