التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{ثَانِيَ عِطۡفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۖ لَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (9)

[ 1 ] ثاني عطفه : لاوي جانبه . والقصد من التعبير وصف المندد به بالكبر والتبختر في الوقفة والمشية .

وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ { 8 } ثَانِيَ عِطْفِهِ [ 1 ] لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ { 9 } ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ { 10 }

في هذه الآيات :

1- إشارة تنديدية إلى فريق آخر من الناس يجادل ويكابر في الله وآياته بدون علم ولا هدى ولا برهان من كتاب صادق ، متكبرا متبخترا مشتدّا في العناد ليؤثر على غيره ويمنعه عن سبيل الله والاستجابة إلى دعوته .

2- وإنذار شديد له ، فله الخزي والهوان في الدنيا وله عذاب الحريق في الآخرة . وهذا جزاؤه الحقّ على ما قدمت يداه وليس فيه ظلم . فالله لا يظلم أحدا من عبيده وإنما يجزي كلا بما يستحقّ .

وقد روى المفسرون أن هذه الآيات نزلت في النضر بن الحارث ، ومنهم من روى أنها نزلت في أبي جهل ، ومنهم من روى أنها عنتهما .

والمتبادر أنها استمرار في السياق ، أو أنها استطراد إلى ذكر فريق آخر من زعماء الكفار يصدّ غيره ويوسوس لغيره ، بينما احتوت الآيتان [ 3 و4 ] صورة الفريق الذي يتبع غيره ويتأثر بوسوسة غيره . وأسلوبها تنديدي كأسلوب الآيتين المذكورتين .

وهذا لا يمنع بطبيعة الحال أن تكون احتوت إشارة إلى موقف جدلي خاص وقفه أحد زعماء الكفار قبل نزول السورة ، بل لا بدّ من أن يكون الأمر كذلك ؛ لأنها تنطوي على مشهد واقعي .

ومع خصوصية الآيات فإنها هي الأخرى تحتوي تلقينات جليلة مستمرة المدى وعامة الشمول بتقبيح المكابرة في الحقّ ، والاستكبار عليه وصدّ الناس عنه ، وتقبيح المتصفين بهذه الصفات .