نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{ثَانِيَ عِطۡفِهِۦ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۖ لَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَا خِزۡيٞۖ وَنُذِيقُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (9)

ولما دل السياق على أنه أكثف الأقسام طبعاً ، عبر عن قصده بقوله : { ليضل } أي غيره { عن سبيل الله } إفهاماً لذلك ، لأن هذا لا يقصده عاقل ، فالقسم الأول تابع ضال ، وهذا داع لأهل الضلال ، هذا على قراءة الضم للجمهور ، وعلى قراءة الفتح لابن كثير وأبي عمرو ورويس عن يعقوب بخلاف عنه من ضل ، تكون من باب التهكم كما تقدم غير مرة ، أي إنه من الحذق بحيث لا يذهب عليه أن هذا ضلال ، فما وصل إليه إلا بقصده له .

ولما ذكر فعله وثمرته ، ذكر ما أعد له عليه فقال : { له في الدنيا خزي } اي إهانة وذل وإن طال زمن استدراجه بتنعيمه " حق على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه " { ونذيقه } أي بما لنا من العظمة { يوم القيامة } الذي يجمع فيه الخلائق بالإحياء بعد الموت { عذاب الحريق* } أي بجعله يحس بألم العذاب بالحريق كما يحس الذائق بالشيء كما أحرق قلوب المهتدين بجداله بالباطل ، ويقال حقيقة أو مجازاً :