{ 16-17 } { قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا }
لما ذكر تعالى أن المخلفين من الأعراب يتخلفون عن الجهاد في سبيله ، ويعتذرون بغير عذر ، وأنهم يطلبون الخروج معهم إذا لم يكن شوكة ولا قتال ، بل لمجرد الغنيمة ، قال تعالى ممتحنا لهم : { قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ } أي : سيدعوكم الرسول ومن ناب منابه من الخلفاء الراشدين والأئمة ، وهؤلاء القوم فارس والروم ومن نحا نحوهم وأشبههم . { تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ } أي : إما هذا وإما هذا ، وهذا هو الأمر الواقع ، فإنهم في حال قتالهم ومقاتلتهم لأولئك الأقوام ، إذ كانت شدتهم وبأسهم معهم ، فإنهم في تلك الحال لا يقبلون أن يبذلوا الجزية ، بل إما أن يدخلوا في الإسلام ، وإما أن يقاتلوا على ما هم عليه ، فلما أثخنهم المسلمون ، وضعفوا وذلوا ، ذهب بأسهم ، فصاروا إما أن يسلموا ، وإما أن يبذلوا الجزية ، { فَإِنْ تُطِيعُوا } الداعي لكم إلى قتال هؤلاء { يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا } وهو الأجر الذي رتبه الله ورسوله على الجهاد في سبيل الله ، { وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ } عن قتال من دعاكم الرسول إلى قتاله ، { يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } ودلت هذه الآية على فضيلة الخلفاء الراشدين ، الداعين لجهاد أهل البأس من الناس ، وأنه تجب طاعتهم في ذلك .
ثم أمر الله نبيه أن يخبرهم أنهم سيبتلون بالدعوة إلى جهاد قوم أشداء ، يقاتلونهم على الإسلام ، فإذا نجحوا في هذا الابتلاء كان لهم الأجر ، وإن هم ظلوا على معصيتهم وتخلفهم فذلك هو الامتحان الأخير :
( قل للمخلفين من الأعراب : ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد ، تقاتلونهم أو يسلمون ، فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا ، وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما ) .
وتختلف الأقوال كذلك في من هم القوم أولو البأس الشديد . وهل كانوا على عهد رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] أم على عهود خلفائه . والأقرب أن يكون ذلك في حياة رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ليمحص الله إيمان هؤلاء الأعراب من حول المدينة .
والمهم أن نلحظ طريقة التربية القرآنية ، وطريقة علاج النفوس والقلوب . بالتوجيهات القرآنية ، والابتلاءات الواقعية . وهذا كله ظاهر في كشف نفوسهم لهم وللمؤمنين ، وفي توجيههم إلى الحقائق والقيم وقواعد السلوك الإيماني القويم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.