السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قُل لِّلۡمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ سَتُدۡعَوۡنَ إِلَىٰ قَوۡمٍ أُوْلِي بَأۡسٖ شَدِيدٖ تُقَٰتِلُونَهُمۡ أَوۡ يُسۡلِمُونَۖ فَإِن تُطِيعُواْ يُؤۡتِكُمُ ٱللَّهُ أَجۡرًا حَسَنٗاۖ وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ كَمَا تَوَلَّيۡتُم مِّن قَبۡلُ يُعَذِّبۡكُمۡ عَذَابًا أَلِيمٗا} (16)

{ قل } أي : يا أشرف الرسل { للمخلفين } وزاد في ذمّهم بنسبتهم إلى الجلافة بقوله تعالى { من الأعراب } أي : أهل غلظ الأكباد { ستدعون } بوعد لا خلف فيه { إلى قوم أولي } أي : أصحاب { بأس شديد } أي : شدّة في الحرب وشجاعة قال ابن عباس ومجاهد : هم أهل فارس . وقال كعب : الروم . وقال الحسن : فارس والروم . وقال : سعيد بن جبير : هوازن وثقيف . وقال قتادة : هوازن وغطفان قوم حنين . وقال الزهري ومقاتل وجماعة : هم بنو حنيفة أصحاب اليمامة أصحاب مسيلمة الكذاب . وقال رافع بن خديج : كنا نقرأ هذه الآية ولا نعلم من هم حتى دعا أبو بكر إلى قتال بني حنيفة فعلمنا أنهم هم . وقال أبو هريرة : لم يأت تأويل هذه الآية بعد قال ابن الخازن : وأقوى هذه الأقوال قول من قال أنهم هوازن وثقيف ، لأنّ الداعي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده قول من قال أنهم بنو حنيفة أصحاب مسيلمة الكذاب وقوله تعالى { تقاتلونهم أو يسلمون } فيه إشارة إلى وقوع أحد الأمرين إما المقاتلة منكم وإمّا الإسلام منهم فإن لم يسلموا كان القتال لا غير وإن أسلموا لم يكن قتال لأنّ الغرض ليس إلا إعلاء كلمة الله تعالى { فإن تطيعوا } أي : توقعوا الطاعة للداعي إلى ذلك { يؤتكم الله } أي : الذي له الإحاطة { أجراً حسناً } دنيا وهو الغنيمة وأخرى وهي الجنة { وإن تتولوا } أي تعرضوا عن الجهاد { كما توليتم من قبل } أي عام الحديبية { يعذبكم } أي يخالطكم بعقوبة تزيل العذوبة في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما { عذاباً أليماً } لأجل تكرّر ذلك منكم فلما أنزلت هذه الآية ، قال أهل الزمانة كيف بنا يا رسول الله فأنزل الله عز وجلّ { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها ومن يتول يعذبه عذابا أليما } .