الآية 16 وقوله تعالى : { قل للمُخلَّفين من الأعراب } وهم الذين تخلّفوا عن الحديبيّة { ستُدعَون إلى قوم أولي بأس شديد } على قول ابن عباس رضي الله عنه ومقاتل : هؤلاء{[19563]} هم بنو حنيفة ، وفيهم مُسيلَمَة الحنفيّ الكذّاب ، استقرّت إليهم الأعراب بعد نبي الله صلى الله عليه وسلم فدعا{[19564]} أبو بكر الصديق إلى قتالهم .
وقال الحسن : هم أهل فارس والروم . وقال قتادة وغيره . دُعوا إلى قتال هوازن وثقيف يوم حُنَين .
ويُروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه [ أنه ]{[19565]} يقول : دُعوا يوم حُنين إلى هوازن وثقيف . فمنهم من أحسن الإجابة ، ورغِب في الجهاد ، ومنه من أبى .
لكن ما قال قتادة غير مُحتمل ، لأن قتال هوازن وثقيف يوم حُنين ، وهو تولّى ذلك ، وقال في آية أخرى : { فقل لن تخرجوا معي أبدا } [ التوبة : 83 ] فلا يُحتمل أن يدعو إلى قتال هؤلاء ، وهو تولّى قتالهم ، وقد قال الله تعالى خبرا عنه { ولن تقاتلوا معي عدوًّا } [ التوبة : 83 ] .
فإذا لم يُحتمل هذا رجع التأويل إلى ما قال ابن عباس ومقاتل رضي الله عنه : إنهم إنما دُعوا إلى قتال أهل اليمامة ، وهم بنو حنيفة [ دعا إلى قتالهم ]{[19566]} أبو بكر الصديق رضي الله عنه .
لكن لو كان ما قال أهل التأويل : إن قوله تعالى : { فقل لن تخرجوا معي أبدا } نزل في غزوة تبوك ، وهي بعد حُنين ، فيكون ما قاله قتادة محتملا ، والله أعلم .
[ ويحتمل ]{[19567]} أن يكون قوله تعالى : { ولن تُقاتلوا معي عدوًّا } [ التوبة : 83 ] في قوم خاصّ ، وهو ما قال : { استأذنك أولئك الطَّوْل منهم } [ التوبة : 86 ] أي أهل الغنى والثروة . إنما قال ذلك لأولي الطّول الذين استأذنوه القعود مع القاعدين ، والله أعلم .
ويحتمل قوله تعالى : { إلى قوم أولي بأس شديد } في أهل فارس والروم على ما قال الحسن ، وذلك [ الفتح إنما كان ]{[19568]} في زمن عمر رضي الله عنه .
وقوله تعالى : { تقاتلونهم أو يُسلمون } من قرأها بالألف{[19569]} فيكون تأويله : تقاتلونهم حتى يُسلموا .
وقوله تعالى : { فإن تطيعوا يُؤتكم الله أجرا حسنا } أي إن تطيعوا ما دُعيتم إلى الجهاد { يُؤتكم الله أجرا } ذكر أنه يؤتيهم أجرا حسنا لأن توبتهم تكون في ما كان كفرهم . وكان نفاقهم إنما ظهر بتخلّفهم عن الجهاد . فعلى ذلك تكون توبتهم في تحقيق الجهاد .
وقوله تعالى : { وإن تتولّوا } في ما دُعيتم إليه { كما تولّيتم من قبل } من الحديبيّة وغيره { يعذّبكم عذابا أليما } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.