المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ} (29)

29- يسأل الله جميع من في السماوات والأرض حاجاتهم ، كل وقت هو في شأن ، يعز ويذل ، ويعطى ويمنع .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ} (29)

{ 29-30 } { يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

أي : هو الغني بذاته عن جميع مخلوقاته ، وهو واسع الجود والكرم ، فكل الخلق مفتقرون إليه ، يسألونه جميع حوائجهم ، بحالهم ومقالهم ، ولا يستغنون عنه طرفة عين ولا أقل من ذلك ، وهو تعالى { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } يغني فقيرا ، ويجبر كسيرا ، ويعطي قوما ، ويمنع آخرين ، ويميت ويحيي ، ويرفع ويخفض ، لا يشغله شأن عن شأن ، ولا تغلطه المسائل ، ولا يبرمه إلحاح الملحين ، ولا طول مسألة السائلين ، فسبحان الكريم الوهاب ، الذي عمت مواهبه أهل الأرض والسماوات ، وعم لطفه جميع الخلق في كل الآنات واللحظات ، وتعالى الذي لا يمنعه من الإعطاء معصية العاصين ، ولا استغناء الفقراء الجاهلين به وبكرمه ، وهذه الشئون التي أخبر أنه تعالى كل يوم هو في شأن ، هي تقاديره وتدابيره التي قدرها في الأزل وقضاها ، لا يزال تعالى يمضيها وينفذها في أوقاتها التي اقتضته حكمته ، وهي أحكامه الدينية التي هي الأمر والنهي ، والقدرية التي يجريها على عباده مدة مقامهم في هذه الدار ، حتى إذا تمت [ هذه ] الخليقة وأفناهم الله تعالى{[952]}  وأراد تعالى أن ينفذ فيهم أحكام الجزاء ، ويريهم من عدله وفضله وكثرة إحسانه ، ما به يعرفونه ويوحدونه ، نقل المكلفين من دار الابتلاء والامتحان إلى دار الحيوان .

وفرغ حينئذ لتنفيذ هذه الأحكام ، التي جاء وقتها ، وهو المراد بقوله :


[952]:- كذا في ب، وفي أ: وأفنى الله الخلق.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ} (29)

وقوله : يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السّمَواتِ والأرْضِ يقول تعالى ذكره : إليه يَفْزع بمسألة الحاجات كلّ من في السموات والأرض ، من مَلَك وإنس وجنّ وغيرهم ، لا غنى بأحد منهم عنه . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السّمَوَاتِ والأرْضِ ، كُلّ يَوْم هُوَ فِي شأْنٍ لا يستغني عنه أهل السماء ولا أهل الأرض ، يُحْيى حَيا ، ويُمِيت ميتا ويربي صغيرا ، ويذلّ كبيرا ، وهو مَسْأَل حاجات الصالحين ، ومنتهى شكواهم ، وصريخ الأخيار .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يَسْئَلُهُ مَن فِي السّمَوَاتِ والأرضِ ، كُلّ يَوْمٍ هُوَ فِي شأنٍ قال : يعني مسألة عباده إياه الرزق والموت والحياة ، كلّ يوم هو في ذلك .

وقوله : كُلّ يَومٍ هُوَ فِي شأنِيقول تعالى ذكره من كلّ يوم في شأن خلقه ، فيفرج كرب ذي كرب ويرفع قوما ويخفض آخرين ، وغير ذلك من شئون خلقه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن يونس بن خباب ، والأعمش عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير كُلّ يَومٍ هُوَ فِي شأنٍ قال : يجيب داعيا ، ويعطي سائلاً ، أو يفكّ عانيا ، أو يشفي سقيما .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير في قوله : كُلّ يَومٍ هُوَ فِي شأنٍ قال : يفكّ عانيا ، ويشفي سقيما ، ويجيب داعيا .

وحدثني إسماعيل بن إسرائيل اللاَل ، قال : حدثنا أيوب بن سويد ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، في قوله : كُلّ يَومٍ هُوَ فِي شأنٍ قال : من شأنه أن يطعي سائلاً ، ويفكّ عانيا ، ويجيب داعيا ، ويشفي سقيما .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : كُلّ يَومٍ هُوَ فِي شأنٍ قال : كلّ يوم هو يجيب داعيا ، ويكشف كربا ، ويجيب مضطرّا ، ويغفر ذنبا .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن عبيد بن عمير كُلّ يَوْمٍ هُوَ فِي شأْنٍ يجيب داعيا ، ويعطى سائلاً ، ويفكّ عانيا ، ويتوب على قوم ويغفر .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مروان ، قال : حدثنا أبو العوّام ، عن قتادة يَسْئَلَهُ مَنْ فِي السّمَواتِ والأرْضِ كُلّ يَوْمٍ هُوَ فِي شأْنٍ قال : يخلق مخلقا ، ويميت ميتا ، ويحدث أمرا .

حدثني عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي ، قال : حدثنا عمرو بن بكر السكسكي ، قال : حدثنا الحارث بن عبدة بن رباح الغساني ، عن أبيه عبدة بن رباح ، عن منيب بن عبد الله الأزدي ، عن أبيه قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاَية : كُلّ يَوْمٍ هُوَ فِي شأْنٍ فقلنا : يا رسول الله ، وماذلك الشأن ؟ قال : «يَغْفِرُ ذَنْبا ، ويُفَرّجُ كَرْبا ، ويَرْفَعُ أقْوَاما ، وَيَضَعُ آخَرِينَ » .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس : إن الله خلق لوحا محفوظا من درّة بيضاء ، دفناه ياقوتة حمراء ، قلمه نور ، وكتابه نور ، عرضه ما بين السماء والأرض ، ينظر فيه كلّ يوم ثلاث مئة وستين نظرة ، يخلق بكل نظرة ، ويُحيي ويميت ، ويُعزّ ويُذلّ ، ويفعل ما يشاء .