محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ} (29)

{ يسأله من في السماوات والأرض } أي يدعونه ويرغبون إليه ، ويرجون رحمته لفقرهم الذاتيّ ، وغناه المطلق . { كل يوم هو في شأن } أي كل وقت يحدث أمورا ، ويجدّد أحوالا .

قال مجاهد : يعطي سائلا ، ويفك عانيا ، ويجيب داعيا ، ويشفي سقيما .

/ وروى ابن جرير{[6891]} ( أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية . فقيل : يا رسول الله ! وما ذاك الشأن قال : يغفر ذنبا ، ويفرج كربا ، ويرفع أقواما ، ويضع آخرين ) .

وقال القاشانيّ : المراد يسأله كل شيء ، فغلب العقلاء ، وأتى بلفظ { من } أي كل شيء يسأله بلسان الاستعداد والافتقار دائما { كل يوم هو في شأن } بإفاضة ما يناسب كل استعداد ويستحقه ، فله كل وقت في كل خلق شأن ، بإفاضة ما يستحقه ويستأهله باستعداده . فمن استعدّ بالتصفية والتزكية للكمالات الخيرية والأنوار ، يفيضها عليه مع حصول الاستعداد . ومن استعد بتكدير جوهر نفسه بالهيئات المظلمة والرذائل ، ولوث العقائد الفاسدة ، والخبائث ، للشرور والمكاره ، وأنواع الآلام والمصائب والعذاب والوبال : يفيضها عليه مع حصول الاستعداد . انتهى .

وقد أخذ الآية عامة من حيث السائلون خاصة بلسان الاستعداد وغيره – كابن كثير والقاضي – رآها خاصة بمن يعقل ، عامة بلسان الحال أو المقال . والأقرب هو ما يتبادر بادئ بدء إلى الفهم ، وهو ما ذكرناه أولا { فبأي آلاء ربكما تكذبان } أي مما يسعف به سؤالكما ، ويخرج لكما من مخبأ قدره وخلقه آنا فآنا .


[6891]:انظر الصفحة رقم 135 من الجزء السابع والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(.