الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ} (29)

ثم قال { يسأله من في السماوات والأرض } [ 27 ] أي : إليه يفزع من في السماوات والأرض في حوائجهم لا غنى لأحد عنه . ثم قال { كل يوم هو في شأن } . قال أهل المعرفة بالله معناه أنه ينفذ ما قدر أن يكون مما سبق في علمه وأثبته في اللوح المحفوظ ، وليس هو إحداث أمر لم يتقدم في علمه بل جرى القلم بها هو كائن إلى يوم القيامة لا يزاد في ذلك ولا ينقص{[66383]} ، لكنه تعالى يثبت ما يشاء ويمحو ما يشاء ، وكل ذلك{[66384]} تقدم علمه به بلا أمد .

وقال قتادة : معناه : يحيي حيا ويميت ميتا ، ويربي{[66385]} صغيرا ، ويفك أسيرا{[66386]} . وقال أبو صالح معناه : يسأله من في السماوات الرحمة ، ومن في الأرض المغفرة والرزق{[66387]} . وقال علي بن سليمان معناه : يسأله من في السماوات والأرض عن شأنه كل يوم هو في شأن .

وقال عبيد بن عمر كل يوم في شأن يجيب{[66388]} داعيا ويعطي سائلا ، ويفك عانيا{[66389]} ويشفي سقيما{[66390]} . وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : كل يوم هو في شأن " ( أي في شأن ){[66391]} يغفر ذنبا ويكشف كربا ، ويجيب داعيا{[66392]} . وقال قتادة : كل يوم هو في شأن أي : في شأن خلقه وصلاحهم ، وتدبير أمورهم .

قال ابن عباس أن الله جل ذكره لوحا محفوظا ينظر فيه كل يوم ( ثلاث مائة وستين ){[66393]} نظرة ، يعز مع نظرة من يشاء ويذل من يشاء ويغني من يشاء ، ويفقر من يشاء{[66394]} .

وقال أبو سليمان الداراني{[66395]} إنما إنفاذ ما قدر أن يكون في ذلك اليوم ، وليس شيء من أمره تعالى يحدث إلا قد جرى القلم بما هو كائن .


[66383]:ع: "ولا ينقص منه".
[66384]:ع: "قد تقدم".
[66385]:ع: "ويرا في "وهو تحريف.
[66386]:273، والدر المنثور 7/698.
[66387]:انظر: تفسير القرطبي 17/16، والبحر المحيط 8/193.
[66388]:ح : "مجيب".
[66389]:ع: "غانيا": وهو تصحيف.
[66390]:انظر: جامع البيان 27/78، وتفسير الخازن 7/6، والدر المنثور 7/700. والبحر المحيط 8/193.
[66391]:ساقط من ع.
[66392]:انظر: تفسير القرطبي 17/166، وتفسير الخازن 7/6 والدر المنثور 79/629 وروح المعاني 27/111، والإتقان 4/247. انظر: سنن ابن ماجة – المقدمة باب: فيما أنكرت الجهمية 1/73. وتحفة الأشراف، المزي 8/246.
[66393]:ع: "ستين وثلاث مائة".
[66394]:انظر: جامع البيان 217/49، وابن كثير 4/274، والدر المنثور 7/699.
[66395]:هو عبد الرحمن بن أحمد بن عطية الحسني أبو سليمان، كبار الزهاد، نشأ بداريا ورحل إلى بغداد فأقام بها مدة يسيرة ثم عاد إلى الشام، وتوفي في بلده، وهو من كبار المتصوفين. انظر: وفيان الأعيان 1/276، وحلية الأولياء 254/9، وتاريخ بغداد 10/248، والأعلام للزركلي 3/294.