فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ} (29)

{ يَسْأَلُهُ مَن فِي السموات والأرض } أي يسألونه جميعاً لأنهم محتاجون إليه لا يستغني عنه أحد منهم . قال أبو صالح : يسأله أهل السموات المغفرة ولا يسألونه الرزق ، وأهل الأرض يسألونه الأمرين جميعاً . وقال مقاتل : يسأله أهل الأرض الرزق والمغفرة وتسأل لهم الملائكة أيضاً الرزق والمغفرة ، وكذا قال ابن جريج . وقيل : يسألونه الرحمة . قال قتادة : لا يستغني عنه أهل السماء ولا أهل الأرض . والحاصل أنه يسأله كل مخلوق من مخلوقاته بلسان المقال أو لسان الحال ما يطلبونه من خيري الدارين أو من خيري إحداهما { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } انتصاب كل بالاستقرار الذي تضمنه الخبر ، والتقدير : استقر سبحانه في شأن كل وقت من الأوقات ، واليوم عبارة عن الوقت ، والشأن هو الأمر ، ومن جملة شؤونه سبحانه إعطاء أهل السموات والأرض ما يطلبونه منه على اختلاف حاجاتهم وتباين أغراضهم . قال المفسرون : من شأنه أنه يحيي ويميت ، ويرزق ويفقر . ويعزّ ويذلّ ، ويمرض ويشفي ، ويعطي ويمنع ، ويغفر ويعاقب إلى غير ذلك مما لا يحصى . وقيل : المراد باليوم المذكور : هو يوم الدنيا ويوم الآخرة . قال ابن بحر : الدّهر كله يومان : أحدهما مدّة أيام الدنيا ، والآخر يوم القيامة . وقيل : المراد : كل يوم من أيام الدنيا .

/خ45