المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ} (29)

قوله : { يسأله } يحتمل أن يكون في موضع الحال من الوجه ، والعامل فيه { يبقى } [ الرحمن : 27 ] أي هو دائم في هذه الحال ، ويحتمل أن يكون فعلاً مستأنفاً إخراباً مجرداً . والمعنى أن كل مخلوق من الأشياء فهو في قوامه وتماسكه ورزقه إن كان مما يرزق بحال حاجة إلى الله تعالى ، فمن كان يسأل بنطق فالأمر فيه بين ، ومن كان من غير ذلك فحاله تقتضي السؤال ، فأسند فعل السؤال إليه .

وقوله : { كل يوم هو في شأن } أي يظهر شأن من قدرته التي قد سبقت في الأزل في ميقاته من الزمن من إحياء وإماتة ورفعة وخفض ، وغير ذلك من الأمور التي لا يعلم نهايتها إلا هو تعالى . والشأن : اسم جنس للأمور . قال الحسين بن الفضل : معنى الآية ، سوق المقادير إلى المواقيت . وورد في بعض الأحاديث ، «إن الله تعالى له كل يوم في اللوح المحفوظ ثلاثمائة وستون نظرة ، يعز فيها ويذل ، ويحيي ويميت ، ويغني ويعدم إلى غير ذلك من الأشياء ، لا إله إلا هو » . وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية فقيل له ما هذا الشأن يا رسول الله ؟ قال : ( يغفر ذنباً ، ويفرج كرباً ، ويرفع ويضع ){[10825]} .

وذكر النقاش أن سبب هذه الآية قول اليهود : إن الله استراح يوم السبت ، فلا ينفذ فيه شيئاً .


[10825]:أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده، والبزار، وابن جرير، والطبراني، وأبو الشيخ في العظمة، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي قوله تعالى:{كل يوم هو في شأن}، قال:(من شأنه أن يغفر ذنبا، ويُفرج كربا، ويرفع قوما ويضع آخرين)، زاد البزار:(هو يجيب داعيا).(الدر المنثور).وأخرج البزار مثله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.