المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَوَرِثَ سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيۡءٍۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

16- وقد آل الملك والحكم من داود إلى سليمان ابنه ، وقال : يا أيها الناس عُلِّمنا لغة الطير ، وأوتينا كثيرا مما نحتاج إليه في سلطاننا : إن هذه النعم لهي الفضل الواضح الذي خصنا الله به{[165]} .


[165]:{وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين}: سليمان ـ عليه السلام ـ هو ابن داود، وهو نبي وملك مثله، عاش من حوالي 974 إلى 937 ق.م اختصه الله تعالى بمعرفة الطير. وقد دلت الأبحاث الحديثة على أن لكل جماعة من الطير طريقة خاصة يتفاهم بها أفراده منها: اللمس، والصوت، منها الإشارة.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَوَرِثَ سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيۡءٍۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

فلما مدحهما مشتركين خص سليمان بما خصه به لكون الله أعطاه ملكا عظيما وصار له من الماجريات ما لم يكن لأبيه صلى الله عليهما وسلم فقال : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ } .

أي : ورث علمه ونبوته فانضم علم أبيه إلى علمه ، فلعله تعلم من أبيه ما عنده من العلم مع ما كان عليه من العلم وقت أبيه كما تقدم من قوله ففهمناها سليمان ، وقال شكرا لله وتبجحا بإحسانه وتحدثا بنعمته : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ } فكان عليه الصلاة [ والسلام ] يفقه ما تقول وتتكلم به كما راجع الهدهد وراجعه ، وكما فهم قول النملة للنمل كما يأتي وهذا لم يكن لأحد غير سليمان عليه الصلاة والسلام .

{ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ } أي : أعطانا الله من النعم ومن أسباب الملك ومن السلطنة والقهر ما لم يؤته أحدا من الآدميين ، ولهذا دعا ربه فقال : { وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي } {[590]} فسخر الله له الشياطين يعملون له كل ما شاء من الأعمال التي يعجز عنها غيرهم ، وسخر له الريح غدوها شهر ورواحها شهر .

{ إِنَّ هَذَا } الذي أعطانا الله وفضلنا واختصنا به { لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ } الواضح الجلي فاعترف أكمل اعتراف بنعمة الله تعالى .


[590]:- في النسختين: فقال: (رب هب) وهو خطأ.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَوَرِثَ سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيۡءٍۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

والمراد بالوراثة فى قوله - تعالى - : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ . . . } وراثة العلم والنبوة والملك . أى : وورث سليمان داود فى نبوته وعلمه وملكه .

قال ابن كثير : " وقوله : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } : أى : فى الملك والنبوة وليس المراد وراثة المال ، إذ لو كان كذلك ، لم يخص سليمان وحده من ين سائر أولاد داود .

. . ولكن المراد بذلك وراثة الملك والنبوة فإن الأنبياء لا تورث أموالهم ، أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " .

ثم حكى - سبحانه - ما قاله سليمان على سبيل التحدث بنعم الله عليه ، فقال - تعالى - : { وَقَالَ ياأيها الناس عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطير وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ . . } .

أى : وقال سليمان - عليه السلام - على سبيل الشكر لله - تعالى - : يأيها الناس : علمنا الله - تعالى - بفضله وإحسانه فهم ما يريده كل طائر إذا صوت أو صاح ، وأعطانا - سبحانه - من كل شىء نحتاجه وننتفع به فى ديننا أو دنيانا .

وقدم نعمة تعليمه منطق الطير ، لأنها نعمة خاصة لا يشاركه فيها غيره ، وتعتبر من معجزاته - عليه السلام - .

وقيل : إنه علم منطق جميع الحيوانات ، وإنما ذكر الطير لأنه أظهر فى النعمة ، ولأن الطير كان جندا من جنده ، يسير معه لتظليله من الشمس .

قال الآلوسى : " والجملتان - علمنا منطق الطير ، وأوتينا من كل شىء - كالشرح للميراث .

وعن مقاتل : أنه أريد بما أوتيه النبوة والملك وتسخير الجن والإنس والشياطين والريح .

وعن ابن عباس : هو ما يريده من أمر الدنيا والآخرة " .

وعبر عن نعم الله - تعالى - عليه بنون العظمة فقال { أُوتِينَا } ولم يقل أوتيت ، للإشعار بأنه عبد من عباد الله المطاعين ، الذين سخر لهم جنوداً من الجن والإنس والطير ، ليكونوا فى خدمته ، وليستعملهم فى وجوه الخير فى فى وجوه الشر ، فهو لم يقل ذلك على سبيل التباهى والتعالى ، وإنما قاله على سبيل التحدث بنعمى الله .

وإسم الإشارة فى قوله - تعالى - : { إِنَّ هذا لَهُوَ الفضل المبين } يعود إلى ما أعطاه الله - تعالى - إياه من العلم والملك وغيرهما .

أى : إن هذا الذى أعطانا إياه من العلم والملك ، وكل شىء تدعو إليه الحاجة ، لهو الفضل الواضح ، والإحسان الظاهر منه - عز وجل - .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَوَرِثَ سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيۡءٍۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

{ وورث سليمان داود } النبوة أو العلم أو الملك بأن قام مقامه في ذلك دون سائر بنيه وكانوا تسعة عشر . { وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء } تشهيرا لنعمة الله وتنويها بها ودعاء الناس إلى التصديق بذكر المعجزة التي هي علم منطق الطير وغير ذلك من عظائم ما أوتيه ، والنطق والمنطق في المتعارف كل لفظ يعبر به عما في الضمير مفردا كان أو مركبا وقد يطلق لكل ما يصوت به على التشبيه ، أو التبع كقولهم نطقت الضمير مفردا كان أو مركبا وقد يطلق لكل ما يصوت به على التشبيه أو التبع كقولهم نطقت الحمامة ومنه الناطق والصامت للحيوان والجماد ، فإن الأصوات الحيوانية من حيث إنها تابعة للتخيلات منزلة منزلة العبارات سيما وفيها ما يتفاوت باختلاف الأغراض بحيث يفهمها ما من جنسه ، ولعل سليمان عليه الصلاة والسلام مهما سمع صوت حيوان علم بقوته القدسية التخيل الذي صوته والغرض الذي توخاه به . ومن ذلك ما حكي أنه مر ببلبل يصوت ويترقص فقال : يقول إذا أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء ، وصاحت فاختة فقال : إنها تقول ليت الخلق لم يخلقوا ، فلعله كان صوت البلبل عن شبع وفراغ بال وصياح الفاختة عن مقاساة شدة وتألم قلب ، والضمير في { علمنا } { وأوتينا } له ولأبيه عليهما الصلاة والسلام أوله وحده على عادة الملوك لمراعاة قواعد السياسة ، والمراد { من كل شيء } كثرة ما أوتي كقولك : فلان يقصده كل أحد ويعلم كل شيء . { إن هذا لهو الفضل المبين } الذي لا يخفى على أحد .