والموروث : الملك والنبوّة ، بمعنى : صار ذلك إليه بعد موت أبيه فسمي ميراثاً تجوزاً ، كما قيل : العلماء ورثة الأنبياء .
وحقيقة الميراث في المال والأنبياء لا نورث مالاً ، وكان لداود تسعة عشر ولداً ذكراً ، فنبىء سليمان من بينهم وملك .
وقيل : ولاه على بني إسرائيل في حياته من بين سائر أولاده ، فكانت الولاية في معنى الوراثة .
وقال الحسن : ورث المال لأن النبوة عطية مبتدأة لا تورث .
وقيل : النبوة فقط ، والأظهر القول الأول ، ويؤيده قوله : { علمنا منطق الطير } ، فهذا يدل على النبوة ؛ { وأوتينا من كل شيء } يدل على الملك ، وكان هذا شرحاً للميراث .
وقوله : { إن هذا لهو الفضل المبين } يقوي ذلك ، ولا يناسب شيء من هذا وراثة المال .
وقوله : { يا أيها الناس } تشهير لنعمة الله ، وتنويه بها واعتراف بمكانها ، ودعاء الناس إلى التصديق بذكر المعجزة التي هي علم منطق الطير ، وغير ذلك مما أوتيه من عظائم الأمور .
و { منطق الطير } : استعارة لما يسمع منها من الأصوات ، وهو حقيقة في بني آدم ، لما كان سليمان يفهم منه ما يفهم من كلام بني آدم ، كما يفهم بعض الطير من بعض ، أطلق عليه منطق .
وقيل : كانت الطير تكلمه معجزة له ، كقصة الهدهد ، والظاهر أنه علم منطق الطير وعموم الطير .
قيل : والنبات ، حتى كان يمر على الشجرة فتذكر له منافعها ومضارها ، وإنما نص على الطير ، لأنه كان جنداً من جنوده ، يحتاج إليه في التظليل من الشمس ، وفي البعث في الأمور .
وقال قتادة : والشعبي : وكذلك كانت هذه النملة القائلة ذات جناحين .
وأورد المفسرون مما ذكروا : أن سليمان عليه السلام أخبر عن كثير من الطير بأنواع من الكلام ، تقديس لله تعالى وعظات ، وعبر ما الله أعلم بصحته .
{ وأوتينا من كل شيء } : ظاهره العموم ، والمراد الخصوص ، أي من كل شيء يصلح لنا ونتمناه ، وأريد به كثرة ما أوتي ، فكأنه مستغرق لجميع الأشياء .
كما تقول : فلان يقصده كل أحد ، يريد كثرة قصاده ، وهذا كقوله تعالى في قصة بلقيس : { وأوتيت من كل شيء } وبنى علمنا وأوتينا للمفعول ، وحذف الفاعل للعلم به ، وهو الله تعالى .
وكانا مسندين لنون العظمة لا لتاء المتكلم ، لأنه إما إن أراد نفسه وأباه ، أو لما كان ملكاً مطاعاً خاطب أهل طاعته ومملكته بحاله التي هو عليها ، لا على سبيل التعاظم والتكبر .
{ إن هذا لهو الفضل المبين } : إقرار بالنعمة وشكر لها ومحمدة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.