{ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا * وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا }
أي : كل مَنْ أطاع رسول الله في أوامره ونواهيه { فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ } تعالى لكونه لا يأمر ولا ينهى إلا بأمر الله وشرعه ووحيه وتنزيله ، وفي هذا عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الله أمر بطاعته مطلقا ، فلولا أنه معصوم في كل ما يُبَلِّغ عن الله لم يأمر بطاعته مطلقا ، ويمدح على ذلك . وهذا من الحقوق المشتركة فإن الحقوق ثلاثة :
حق لله تعالى لا يكون لأحد من الخلق ، وهو عبادة الله والرغبة إليه ، وتوابع ذلك .
وقسم مختص بالرسول ، وهو التعزير والتوقير والنصرة .
وقسم مشترك ، وهو الإيمان بالله ورسوله ومحبتهما وطاعتهما ، كما جمع الله بين هذه الحقوق في قوله : { لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } فمَنْ أطاع الرسول فقد أطاع الله ، وله من الثواب والخير ما رتب على طاعة الله { وَمَنْ تَوَلَّى } عن طاعة الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه ، ولا يضر الله شيئًا { فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } أي : تحفظ أعمالهم وأحوالهم ، بل أرسلناك مبلغا ومبينا وناصحا ، وقد أديت وظيفتك ، ووجب أجرك على الله ، سواء اهتدوا أم لم يهتدوا . كما قال تعالى : { فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ } الآية .
ثم بين - سبحانه - أن طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم إنما هى طاعة له فقال : { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } .
اى : من يستجب لما يدعوه إليه محمد صلى الله عليه وسلم ويذعن لتعاليمه ، فإنه بذلك يكون مطيعا لله ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ لأمر الله ونهيه .
وقوله { وَمَن تولى فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } بيان لوظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم .
أى : من أطاعك يا محمد فقد أطاع الله ، ومن أعرض عن طاعتك وعصى أمك ، فعلى نفسه يكون جانيا ، لأننا ما أرسلناك على الناس حافظا ورقيبا لأعمالهم ، وإنما أرسلناك مبلغا ومنذرا .
وجواب الشرط فى قوله { وَمَن تولى } محذوف . أى ومن تولى فأعرض عنه فإنا ما أرسلناك عليهم حفيظا .
قال الآلوسى : وقوله - تعالى - { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } بيان لإِحكام رسالته إثر بيان تحققها . وإنما كان الأمر كذلك لأن الآمر والناهى فى الحقيقة هو الحق - سبحانه - والرسول إنما هو مبلغ للأمر والنهى فليست الطاعة له بالذات إنما هى لمن بلغ عنه . وفى بعض الآثار أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول : " من أحبنى فقد أحب الله ، ومن أطاعنى فقد أطاع الله " فقال المنافقون : ألا تسمعون إلى ما يقول هذا الرجل ؟ لقد قارف الشرك ، وهو نهى أن يبعد غير الله . ما يريد إلا أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى - عليه السلام - فنزلت .
يخبر تعالى عن عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأنه من أطاعه فقد أطاع الله ، ومن عصاه فقد عصى الله ، وما ذاك إلا لأنه ما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سِنَان ، حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع الأمير فقد أطاعني ، ومن عصى الأمير فقد عصاني " .
وهذا الحديث ثابت في الصحيحين ، عن الأعمش به{[7923]}
وقوله : { وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا }{[7924]} أي : لا عليك منه ، إن عليك إلا البلاغ فمن تَبِعك سَعِد ونجا ، وكان لك من الأجر نظير ما حصل له ، ومن تولى عنك خاب وخسر ، وليس عليك من أمره شيء ، كما جاء في الحديث : " من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه " {[7925]}
{ من يطع الرسول فقد أطاع الله } لأنه عليه الصلاة والسلام في الحقيقة مبلغ ، والأمر ظن هو الله سبحانه وتعالى . روي ( أنه عليه الصلاة والسلام قال : " من أحبني فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله " . فقال : المنافقون لقد قارف الشرك وهو ينهى عنه ، ما يريد إلا أن نتخذه ربا ما اتخذت النصارى عيسى ربا ) فنزلت . { ومن تولى } عن طاعته . { فما أرسلناك عليهم حفيظا } تحفظ عليهم أعمالهم وتحاسبهم عليها ، إنما عليك البلاغ وعلينا الحساب وهو حال من الكاف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.