المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

26- للذين أحسنوا بالاستجابة لدعوة الله ، فآمنوا وعملوا الخير لدينهم ودنياهم ، لهم المنزلة الحسنى في الآخرة وهي الجنة ، ولهم زيادة على ذلك فضلا من الله وتكريماً ، ولا يغشى وجوههم كآبة من همّ وهوان ، وهؤلاء هم أهل الجنة الذين ينعمون فيها أبداً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ْ } أي : للذين أحسنوا في عبادة الخالق ، بأن عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته ، وقاموا بما قدروا عليه منها ، وأحسنوا إلى عباد الله بما يقدرون عليه من الإحسان القولي والفعلي ، من بذل الإحسان المالي ، والإحسان البدني ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتعليم الجاهلين ، ونصيحة المعرضين ، وغير ذلك من وجوه البر والإحسان .

فهؤلاء الذين أحسنوا ، لهم " الحسنى " وهي الجنة الكاملة في حسنها و " زيادة " وهي النظر إلى وجه الله الكريم ، وسماع كلامه ، والفوز برضاه والبهجة بقربه ، فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون ، ويسأله السائلون .

ثم ذكر اندفاع المحذور عنهم فقال : { وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ْ } أي : لا ينالهم مكروه ، بوجه من الوجوه ، لأن المكروه ، إذا وقع بالإنسان ، تبين ذلك في وجهه ، وتغير وتكدر .

وأما هؤلاء - فهم كما{[396]}  قال الله عنهم - { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيم ْ } { أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ْ } الملازمون لها { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ْ } لا يحولون ولا يزولون ، ولا يتغيرون .


[396]:- في ب: فكما.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

وقوله : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ . . . } بيان لحسن عاقبة الذين استجابوا لدعوته ، واتبعوا صراطه المستقيم .

أى : للمؤمنين الصادقين الذين قدموا في دنياهم الأعمال الصالحة ، المنزلة الحسني ، والمئوية الحسنى وهى الجنة ، ولهم زيادة على ذلك التفضل من الله - تعالى - عليهم بالنظر إلى وجهه الكريم .

وتفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم ، مأثور عن جمع من الصحابة منهم أبو بكر ، وعلي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، وأبو موسى الأشعري وغيرهم - رضي الله عنهم .

ومستندهم في ذلك الأحاديث النبوية التي وردت في هذا الشأن والتى منها ما أخرجه مسلم في صحيحه عن صهيب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تلا هذه الآية { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ . . . } .

وقال : " إذا دخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، نادى مناد : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا . يريد أن ينجزكموه فيقولون : ما هو ؟ ألم يثقل موازيننا ؟ ألم ببيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار ؟ قال : فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه ، فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه ، ولا أقر لأعينهم " .

وذكر بعضهم أن المراد بالزيادة هنا : " مضاعفة الحسنات بعشر أمثالها أو أكثر أو مغفرته - سبحانه - ما فرط منهم في الدنيا ، ورضوانه عليهم في الآخرة " .

والحق أن التفسير الوادر عن الصحابة . والمؤيد بما جاء في الأحاديث النبوية هو الواجب الاتباع ، ولا يصح العدول عنه . ولا مانع من أن يمن الله عليهم بما يمن من مضاعفة الحسنات ومن المغفرة والرضوان ، بعد نظرهم إلى وجهه الكريم ، أو قبل ذلك .

ولذا قال الإِمام ابن كثير ما ملخصه : قوله : { وزيادة } هي تضعيف ثواب الأعمال . . وأفضل من ذلك النظر إلى وجهه الكريم . فإنه زيادة أعظم من جميع ما يعطوه .

. وقد روى تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهة الكريم عن جمع من السلف والخلف ، وقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، ومنها ما رواه ابن جرير عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله يبعث يوم القيامة مناديا ينادي يا أهل الجنة - بصوت يسمعه أولهم وآخرهم - إن الله وعدكم الحسنى وزيادة . فالحسنى الجنة ، والزيادة النظر إلى وجه الرحمن عز وجل " .

وعن أبي بن كعب أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قول الله - تعالى - { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ } قال : " الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى وجه الله - تعالى - " .

والمقصود بقوله : { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } الإِخبار عن خلوص نعيمهم من كل ما يكدر الصفو ، إثر بيان ما أعطاهم من رضوان .

وقوله : { يرهق } من الرهق بمعى الغشيان والتغطية . يقال : رهقه يرهقه رهقا - من باب طرب - أي غشية وغطاه بسرعة .

والقتر والقترة : الغبار والدخان الذي فيه سواد والذلة : الهوان والصغار . يقال : ذل فلان يذل ذل وذلا ، إذا أصابه الصغار والحقارة .

أى : ولا يغطي وجوههم يوم القيامة شيء مما يغطي وجوه الكفار ، من السواد والهوان والصغار .

وهذه الجملة بما اشتملت عليه من المعاني ، توحى بأن في يوم القيامة من الزحام والأهوال والكروب . ما يجعل آثار الحزن أو الفرح ظاهرة على الوجوه والمشاعر ، فهناك وجوه { عَلَيْهَا غَبَرَةٌ . تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ } وهناك وجوه { نَّاضِرَةٌ . إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } وقوله : { أولئك أَصْحَابُ الجنة هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } تذييل قصد به تأكيد مدحهم ومسرتهم .

أى : أولئك المتصفون بتلك الصفات الكريمة أهم أصحاب دار السلام ، وهم خالدون فيها خلودا أبديا ، لا خوف معه ولا زوال .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

26

( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ، ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ، أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ) .

( والذين كسبوا السيئات جزاء سيئه بمثلها وترهقهم ذلة ، مالهم من الله من عاصم ، كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما ، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )

كانت آخر آية في الدرس السابق : ( والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) . .

فهنا يبين عن قواعد الجزاء للمهتدين ولغير المهتدين . ويكشف عن رحمة الله وفضله ، وعن قسطه وعدله في جزاء هؤلاء وهؤلاء .

فأما الذين أحسنوا . أحسنوا الاعتقاد ، وأحسنوا العمل ، وأحسنوا معرفة الصراط المستقيم ، وإدراك القانون الكوني المؤدي إلى دار السلام . . فأما هؤلاء فلهم الحسنى جزاء ما أحسنوا ، وعليها زيادة من فضل الله غير محدودة :

( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) . .

وهم ناجون من كربات يوم الحشر ، ومن أهوال الموقف قبل أن يفصل في أمر الخلق :

( ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ) . .

والقتر : الغبار والسواد وكدرة اللون من الحزن أو الضيق . والذلة : الانكسار والمهانة أو الإهانة . فلا يغشى وجوههم قتر ولا تكسو ملامحهم الذلة . . والتعبير يوحي بأن في الموقف من الزحام والهول والكرب والخوف والمهانة ما يخلع آثاره على الوجوه ، فالنجاة من هذا كله غنيمة ، وفضل من الله يضاف إلى الجزاء المزيد فيه . .

( أولئك ) . . أصحاب هذه المنزلة العالية البعيدة الآفاق ( أصحاب الجنة )وملاكها ورفاقها ( هم فيها خالدون ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (26)

القول في تأويل قوله تعالى : { لّلّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَىَ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلّةٌ أُوْلََئِكَ أَصْحَابُ الْجَنّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .

يقول تعالى ذكره : للذين أحسنوا عبادة الله في الدنيا من خلقه فأطاعوه فيما أمر ونَهَى الحُسْنَى .

ثم اختلف أهل التأويل في معنى الحسنى والزيادة اللتين وعدهما المحسنين من خلقه ، فقال بعضهم : الحسنى : هي الجنة ، جعلها الله للمحسنين من خلقه جزاء ، والزيادة عليها النظر إلى الله تعالى . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن أبي بكر الصدّيق : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه ربهم .

حدثنا سفيان ، قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن ، عن قيس ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، عن سعيد بن نمران ، عن أبي بكر : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه الله تعالى .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه ربهم .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، قال : في هذه الآية : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : الزيادة : النظر إلى وجه الرحمن .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن مسلم بن نذير ، عن حذيفة : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه ربهم .

حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : حدثنا شريك ، قال : سمعت أبا إسحاق يقول في قول الله : وَزِيادة قال : النظر إلى وجه الرحمن .

حدثني عليّ بن عيسى ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا أبو بكر الهذليّ ، قال : سمعت أبا تميمة الهجيمي يحدّث عن أبي موسى الأشعري ، قال : إذا كان يوم القيامة بعث الله إلى أهل الجنة مناديا ينادي : هل أنجزكم الله ما وعدكم ؟ فينطرون إلى ما أعدّ الله لهم من الكرامة ، فيقول : نعم ، فيقول : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ النظر إلى وجه الرحمن .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن أبي بكر الهذلي ، قال : أخبرنا أبو تميمة الهجيمي ، قال : سمعت أبا موسى الأشعري يخطب على منبر البصرة يقول : إن الله يبعث يوم القيامة ملكا إلى أهل الجنة ، فيقول : يا أهل الجنة هل أنجزكم الله ما وعدكم ؟ فينظرون إلى ما أعدّ الله لهم من الكرامة ، فيرون الحليّ والحلل والثمار والأنهار والأزواج المطهرة ، فيقولون : نعم ، قد أنجزنا الله ما وعدنا . ثم يقول الملك : هل أنجزكم الله ما وعدكم ؟ ثلاث مرّات ، فلا يفقدون شيئا مما وعدوا ، فيقولون : نعم ، فيقول : قد بقي لكم شيء ، إن الله يقول : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ ألا إن الحسنى الجنة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني شبيب ، عن أبان ، عن أبي تميمة الهجيمي : أنه سمع أبا موسى الأشعري يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنّ الله يَبْعَثُ يَوْمَ القِيامَةِ مُنادِيا يُنادِي أهْلَ الجَنّة بصَوْتٍ يُسْمِعُ أوّلَهُمْ وآخِرَهُمْ : إنّ اللّهَ وَعَدَكُمُ الحُسْنَى وَزِيادَةٌ ، فالحُسْنَى الجَنّةُ ، والزّيادَةُ النّظَرُ إلى وَجْهِ الرّحْمَنِ » .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه ربهم . وقرأ : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلّةٌ قال : بعد النظر إلى وجه ربهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا سويد بن نصر ، قال : أخبرنا ابن المبارك ، عن سليمان بن المُغيرة ، قال : أخبرنا ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قوله : وَزِيادَةٌ قال : قيل له : أرأيت قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ ؟ قال : إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة فأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم قال : نودوا يا أهل الجنة إن الله قد وعدكم الزيادة ، فيتجلى لهم . قال ابن أبي ليلى : فما ظنك بهم حين ثقلت موازينهم ، وحين صارت الصحف في أيمانهم ، وحين جاوزوا جسر جهنم ودخلوا الجنة ، وأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم ؟ كل ذلك لم يكن شيئا فيما رأوا .

قال : حدثنا ابن المبارك ، عن معمر وسليمان بن المُغيرة ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه ربهم .

قال : حدثنا الحجاج ومعلى بن أسد ، قالا : حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة ، قال لهم : إنه قد بقي من حقكم شيء لم تُعْطَوْه . قال : فيتجلّى لهم تبارك وتعالى . قال : فيصغر عندهم كلّ شيء أُعْطُوه . قال : ثم قال : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : الحسنى : الجنة ، والزيادة ، : النظر إلى وجه ربهم ، ولا يَرهَق وجوههم قَتر ولا ذلة بعد ذلك .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن ثابت البناني ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ النظر إلى وجه الله .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا هوذة ، قال : حدثنا عوف ، عن الحسن ، في قول الله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ النظر إلى الربّ .

حدثنا عمرو بن عليّ وحمد بن بشار ، قالا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنّةِ الجَنّةَ وأهْلُ النّارِ النّارَ ، نُودُوا : يا أهْلَ الجَنّةِ ، إنّ لَكُمْ عِنْدَ اللّهِ مَوْعِدا قالُوا : ما هُوَ ؟ ألَمْ تُبَيّضْ وُجُوهَنا ، وَتُثَقّلْ مَوَازِينَنا ، وَتُدْخِلُنا الجَنّةَ ، وَتُنَجّنا مِنَ النّارِ ؟ فَيُكْشَفُ الحِجَابُ ، فَيَتَجَلّى لَهُمْ فوَاللّهِ ما أعْطاهُمْ شَيْئا أحَبّ إلَيْهِمْ منَ النّظَرِ إلَيْهِ » ولفظ الحديث لعمرو .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج بن المنهال ، قال : حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن صهيب ، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قالَ : «إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنّةِ الجَنّةَ وأهْلُ النّارِ النّارَ ، نادَى مُنادِ : يا أهْلَ الجَنّةِ ، إنّ لَكُمْ عِنْدَ اللّهِ مَوْعِدا يُرِيدُ أنْ يُنْجِزَكُموهُ فَيَقُولُونَ : ومَا هُوَ ؟ ألَمْ يُثَقّلِ اللّهُ مَوَازِينَنا ، وَيُبَيّضْ وُجوهَنا ؟ » ثم ذكر سائر الحديث نحو حديث عمرو بن عليّ وابن بشار ، عن عبد الرحمن .

قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن نمران ، عن أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : النظر إلى وجه الله تبارك وتعالى .

قال : حدثنا شريك ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ بلغنا أن المؤمنين لما دخلوا الجنة ناداهم مناد : إن الله وعدكم الحسنى وهي الجنة وأما الزيادة : فالنظر إلى وجه الرحمن .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا إبراهيم بن المختار ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن كعب بن عجرة ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله : تعالى : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : «الزّيَادَةُ : النّظَرُ إلى وَجْهِ الرحمن تَبَارك وتَعَالَى » .

قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن عبد الرحمن بن سابط ، قال : الحسنى : النضرة ، والزيادة : النظر إلى وجه الله تعالى .

حدثنا ابن البرقى ، قال : حدثنا عمرو بن أبي سلمة ، قال : سمعت زهيرا عمن سمع أبا العالية ، قال : حدثنا أبيّ بن كعب : أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : «الحُسْنَى : الجَنّةُ والزّيادَةُ : النّظَرُ إلى وَجْهِ الله » .

وقال آخرون في الزيادة بما :

حدثنا به يحيى بن طلحة ، قال : حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن الحكم ، عن عليّ رضي الله عنه : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : الزيادة : غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن الحكم ، عن علي رضي الله عنه ، نحوه ، إلا أنه قال : فيها أربعة أبواب .

قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن الحكم بن عتيبة ، عن عليّ رضي الله عنه ، مثل حديث يحيى بن طلحة ، عن فضيل سواء .

وقال آخرون : الحسنى واحدة من الحسنات بواحدة ، والزيادة : التضعيف إلى تمام العشر . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : هو مثل قوله : وَلَدَيْنا مَزِيدٌ يقول : يجزيهم بعملهم ويزيدهم من فضله . وقال : مَنْ جاءَ بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالهَا وَمَنْ جاءَ بالسّيّئَةِ فَلا يُجْزَى إلاّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُون .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن علقمة بن قيس : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : قلت : هذه الحسنى ، فما الزيادة ؟ قال : ألم تر أن الله يقول : مَنْ جاءَ بالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِهَا

حدثنا بشر ، قال : يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان الحسن يقول في هذه الآية : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : الزيادة : بالحسنة عشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف .

وقال آخرون : الحسنى : حسنة مثل حسنة ، والزيادة : زيادة مغفرة من الله ورضوان . ذكر من قال ذلك :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى مثلها حسنى وزيادة مغفرة ورضوان .

وقال آخرون : الزيادة ما أعطوا في الدنيا . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى وَزِيادَةٌ قال : الحسنى : الجنة ، وزيادة : ما أعطاهم في الدنيا لا يحاسبهم به يوم القيامة . وقرأ وآتَيْنَاهُ أجْرَهُ في الدّنْيا قال : ما آتاه مما يحبّ في الدنيا عجّل له أجره فيها .

وكان ابن عباس يقول في قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى بما :

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : لِلّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنَى يقول : للذين شهدوا أن لا إله إلا الله .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تبارك وتعالى وعد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى أن يجزيهم على طاعتهم إياه الجنة وأن تبيض وجوههم ، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها ، ومن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم بالنظر إليه ، وأن يعطيهم غرفا من لاَلىء ، وأن يزيدهم غفرانا ورضوانا كلّ ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته . وعمّ ربنا جلّ ثناؤه بقوله : وَزِيادَةٌ الزيادات على الحسنى ، فلم يخصص منها شيئا دون شيء ، وغير مستنكر من فضل الله أن يجمع ذلك لهم ، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله . فأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يعمّ كما عمه عزّ ذكره .

القول في تأويل قوله تعالى : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلّةٌ أُولئكَ أصحَابُ الجَنّةِ هُمْ فِيها خالدُونَ .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلّةٌ لا يغشى وجوههم كآبة ولا كسوف حتى تصير من الحزن كأنما علاها قتر . والقتر : الغبار وهو جمع قترة ، ومنه قول الشاعر :

مُتَوّجٌ برداءِ المُلْكِ يَتْبَعُهُ *** مَوْجٌ تَرى فَوْقَهُ الرّاياتِ والقَتْرِا

يعني بالقتر : الغبار . وَلا ذِلّةٌ . ولا هوان . أولَئِكَ أصْحَابُ الجَنّةِ يقول هؤلاء الذين وصفت صفتهم هم أهل الجنة وسكانها ومن هُمْ فيها خَالِدُون يقول هم فيها ماكثون أبدا لا تبيد فيخافوا زوال نعيمهم ، ولا هم بمخرجين فتتنغص عليهم لذتهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

وكان ابن أبي ليلى يقول في قوله : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ ما :

حدثنا محمد بن منصور الطوسى ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا زيد ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلّةٌ قال : بعد نظرهم إلى ربهم .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج ومعلى بن أسد ، قالا : حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، بنحوه .

حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قوله : وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ قال : سواد الوجوه .