المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

السورة المسماة بسورة الملك أخذا من كلمة الملك التي وقعت في أول آية منها ، وأهم مقاصد هذه السورة الكريمة : أنها توجه الأفكار وتلفت الأنظار إلى آثار قدرة الله الباهرة في الأنفس والآفاق ، علوها وسفلها ، ليكون ذلك سبيلا إلى الإيمان بالله واليوم الآخر ، وبيان حال الكافرين الذين يلقون في جهنم ، فيسمعون شهيقها ويصلون نارها ، ويعترفون بذنبهم ويتحسرون على مصيرهم ، حين تبكتهم الملائكة بعدم استجابتهم للرسول فيما دعاهم إليه وأنذرهم به . وأما من خافوا ربهم ، وآمنوا به ، فلهم مغفرة وعفو عما فرطوا ، وأجر كبير بما قدموا وبذلوا .

1- تعالى وازدادت بركات مَن يملك - وحده - التصرف في جميع المخلوقات ، وهو على كل شيء تام القدرة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الملك [ وهي ] مكية .

{ 1 - 4 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ * الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ } .

{ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } أي : تعاظم وتعالى ، وكثر خيره ، وعم إحسانه ، من عظمته أن بيده ملك العالم العلوي والسفلي ، فهو الذي خلقه ، ويتصرف فيه بما شاء ، من الأحكام القدرية ، والأحكام الدينية التابعة لحكمته ، ومن عظمته ، كمال قدرته التي يقدر بها على كل شيء ، وبها أوجد ما أوجد من المخلوقات العظيمة ، كالسماوات والأرض .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

المجلد الخامس عشر

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الملك

مقدمة وتمهيد

1- سورة " الملك " من السور المكية الخالصة ، ومن السور ذات الأسماء المتعددة ، قال الآلوسي : وتسمى " تبارك " و " المانعة " و " المنجية " و " المجادلة " .

فقد أخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : كنا نسميها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " المانعة " .

وأخرج الترمذي وغيره عن ابن عباس قال : ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه على قبر ، وهو لا يحسب أنه قبر ، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال صلى الله عليه وسلم : هي المانعة ، هي المنجية ، تنجيه من عذاب القبر .

وفي رواية عن ابن عباس أنه قال : ألا أتحفك بحديث تفرح به ؟ قال : بلى . قال : اقرأ سورة " تبارك الذي بيده الملك " وعلمها أهلك ، وجميع ولدك . . . فإنها المنجية والمجادلة يوم القيامة عند ربها لقارئها .

وقد جاء في فضلها أخبار كثيرة ، منها –سوى ما تقدم- ما أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن سورة من كتاب الله ، ما هي إلا ثلاثون آية ، شفعت لرجل حتى غفر له ، [ تبارك الذي بيده الملك . . . ]( {[1]} ) .

وكان نزولها بعد سورة " المؤمنون " وقبل سورة " الحاقة " . . وعدد آياتها إحدى وثلاثون آية في المصحف المكي . . وثلاثون آية في غيره .

2- والسورة الكريمة زاخرة بالحديث عن أدلة وحدانية الله –تعالى- وقدرته ، وعن مظاهر فضله ورحمته بعباده ، وعن بديع خلقه في هذا الكون ، وعن أحوال الكافرين ، وأحوال المؤمنين يوم القيامة ، وعن وجوب التأمل والتدبر في ملكوت السموات والأرض . . وعن الحجج الباهرة التي لقنها –سبحانه- لنبيه صلى الله عليه وسلم لكي يقذف بها وجوه المبطلين ، والتي تبدأ في بضع آيات بقوله –تعالى- [ قل ] .

ومن ذلك قوله –سبحانه- : [ قل هو الرحمن آمنا به ، وعليه توكلنا ، فستعلمون من هو في ضلال مبين . قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين ] .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . .

الراجي عفو ربه

د . محمد سيد طنطاوي

لفظ { تَبَارَكَ } فعل ماض لا ينصرف . وهو مأخوذ من البركة ، بمعنى الكثرة من كل خير . وأصلها النماء والزيادة أى : كثر خيره وإحسانه ، وتزايدت بركاته .

أو مأخوذ من البركة بمعنى الثبوت . يقال : برك البعير ، إذا أناخ فى موضعه فلزمه وثبت فيه . وكل شئ ثبت ودام فقد برك . أى : ثبت ودام خيره على خلقه .

والملك - بضم الميم وسكون اللام - : السلطان والقدرة ونفاذ الأمر .

أى : جل شأن الله - تعالى - وكثر خيره وإحسانه ، وثبت فضله على جميع خلقه ، فهو - سبحانه - الذى بيده وقدرته التمكن والتصرف فى كل شئ على حسب ما يريد ويرضى ، وهو - عز وجل - الذى لا يعجزه أمر فى الأرض أو فى السماء .

واختار - سبحانه - الفعل " تبارك " للدلالة على المبالغة فى وفرة العظمة والعطاء ، فإن هذه الصيغة ترد للكناية عن قوة الفعل وشدته . . كما فى قولهم : تواصل الخير ، إذا تتابع بكثرة مع دوامه . .

والتعريف فى لفظ " الملك " للجنس . وتقديم المسند وهو " بيده " على المسند إليه ، لإِفادة الاختصاص . أى : بيده وحده لا بيد أحد سواه جميع أنواع السلطان والقدرة ، والأمر والنهى . .

قال الإِمام الرازى : وهذه الكلمة تستعمل لتأكيد كونه - تعالى - ملكا ومالكا ، تقول بيد فلان الأمر والنهى ، والحل والعقد . وذكر اليد إنما هو تصوير للإحاطة ولتمام قدرته ، لأنها محلها مع التنزه عن الجارحة . .

وجملة { وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } معطوفة على قوله { بِيَدِهِ الملك } الذى هو صلة الموصول ، وذلك لإِفادة التعميم بعد التخصيص ، لأن الجملة الأولى وهى { الذي بِيَدِهِ الملك } أفادت عموم تصرفه فى سائر الموجودات ، وهذه أفادت عموم تصرفه - سبحانه - فى سائر الموجودات والمعدومات ، إذ بيده - سبحانه - إعدام الموجود ، وإيجاد المعدوم .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { تَبَارَكَ الّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ } .

يعني بقوله تعالى ذكره : تَبارَكَ : تعاظم وتعالى الّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ بيده مُلك الدنيا والاَخرة وسُلطانهما نافذ فيهما أمره وقضاؤه وَهُوَ على كلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يقول : وهو على ما يشاء فعله ذو قدرة لا يمنعه من فعله مانع ، ولا يحول بينه وبينه عجز .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الملك مكية وتسمى الواقية والمنجية لأنها تقي قارئها وتنجيه من عذاب القبر وآيها ثلاثون آية .

بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي بيده الملك ، بقبضة قدرته التصرف في الأمور كلها ، وهو على كل شيء قدير ، على كل ما يشاء قدير .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة الملك{[1]}

بسم الله الرحمن الرحيم سورة الملك وهي مكية بإجماع ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل ليلة عند أخذ مضجعه ، رواه جماعة مرفوعا إلى جابر بن عبد الله ، ويروى عنه أنه قال ( إنها لتنجي من عذاب القبر وتجادل عن حافظها حتى لا يعذب ){[2]} ويروى أن في التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة فقد أجاد وأطيب{[3]} وروي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وددت أن سورة ‘ تبارك الذي بيده الملك ‘ الملك 1 في قلب كل مؤمن ){[4]}

{ تبارك } تفاعل من البركة ، وهي التزيد في الخيرات ، ولم يستعمل بيتبارك ولا متبارك ، وقوله : { بيده } عبارة عن تحقيق { الملك } ، وذلك أن اليد في عرف الآدميين هي آلة التملك فهي مستعرة ، و { الملك } على الإطلاق هو الذي لا يبيد ولا يختل منه شيء ، وذلك هو ملك الله تعالى ، وقيل المراد في هذه الآية : ملك الملوك ، فهو بمنزلة قوله : { اللهم مالك الملك }{[11200]} [ آل عمران : 26 ] ، عن ابن عباس رضي الله عنه . وقوله تعالى : { وهو على كل شيء قدير } عموم ، والشيء معناه في اللغة الموجود .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.
[4]:- هو أبو هاشم المكي الليثي، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، يروي عن أبيه ابن عمر.
[11200]:من الآية 26 من سورة آل عمران.