محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ} (1)

مقدمة السورة:

67- سورة الملك

قال المهايمي سميت به لاشتمالها على كثير مما يبنغي أن يكون عليه الملك من كثرة الخيرات ، وعموم القدرة ، والإحياء والإماتة ، واختبار أعمال الناس ، والغلبة والغفران ، ورفع الأبنية لخدامه ، وعدم التفاوت في رعاياه ، وتزيين بلاده والقهر على الأعداء والترحم على الأولياء ، والأمن ورخص الأسعار ، وأن لا يقدر أحد على نصر من عاداه ولا على رزق من منعه انتهى .

وتسمى سورة { تبارك } وهي مكية وآيها ثلاثون .

{ تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير } قال ابن جرير{[7173]} أي تعاظم الذي بيده ملك الدنيا والآخرة وسلطانهما ، نافذ فيهما أمره وقضاؤه ، وهو على ما يشاء فعله ذو قدرة ، لا يمنعه مانع ، ولا يحول بينه وبينه عجز .

وقال القاشاني : الملك ، عالم الأجسام كما أن الملكوت عالم النفوس ، ولذلك وصف ذاته باعتبار تصريفه عالم الملك بحسب مشيئته بالتبارك ، الذي هو غاية العظمة ، ونهاية الازدياد في العلو والبركة ، باعتبار تسخيره عالم الملكوت ، بمقتضى إرادته بالتسبيح الذي هو التنزيه كقوله{[7174]} { فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء } كلا بما يناسبه ، لأن العظمة والازدياد والبركة تناسب الأجسام ، والتنزه يناسب المجردات عن المادة . فمعنى { تبارك } تعالى وتعاظم الذي تصرف في عالم الملك بيد قدرته ، لا يتصرف فيه غيره ، فبيده كل ما وجد من الأجسام لا بيد غيره ، يصرفها كما يشاء ، وهو القادر على كل ما عدم من الممكنات يوجدها على ما يشاء .


[7173]:انظر الصفحة رقم 1 من الجزء التاسع والعشرين (طبعة الحلبي الثانية).
[7174]:36/ يس/ 83.