المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{خُشَّعًا أَبۡصَٰرُهُمۡ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ كَأَنَّهُمۡ جَرَادٞ مُّنتَشِرٞ} (7)

7- خاضعة أبصارهم من شدة الهول ، يخرجون من القبور كأنهم - في الكثرة والسرعة - جراد منتشر ! !

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{خُشَّعًا أَبۡصَٰرُهُمۡ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ كَأَنَّهُمۡ جَرَادٞ مُّنتَشِرٞ} (7)

وقوله : { خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ } حال من الفاعل فى قوله : { يَخْرُجُونَ . . . } : أى : ذليلة أبصارهم بحيث تنظر إلى ما أمامها من أهوال نظرة البائس الذليل ، الذى لا يستطيع أن يحقق نظره فيما ينظر إليه .

قال القرطبى : الخشوع فى البصر : الخضوع والذلة . وأضاف - سبحانه - الخوضع إلى الأبصار ، لأن أثر العز والذل يتبين فى ناظر الإنسان .

قال - تعالى - : { أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ } وقال - تعالى - : { وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذل يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ . . . } ويقال : خشع واختشع إذا ذل . وخشع ببصره إذا غضه . . .

وقرأ حمزة والكسائى : خاشعا أبصارهم .

وقوله : { يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } أى : يخرجون من القبور ، وعيونهم ذليلة من شدة الهول ، وأجسادهم تملأ الآفاق ، حتى لكأنهم جراد منتشر ، قد سد الجهات . واستتر بعضه ببعض .

فالمقصود بالجملة الكريمة تشبيهم بالجراد فى الكثرة والتموج ، والاكتظاظ والانتشار فى الأقطار وهم يسرعون الخطا نحو أرض المحشر .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{خُشَّعًا أَبۡصَٰرُهُمۡ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ كَأَنَّهُمۡ جَرَادٞ مُّنتَشِرٞ} (7)

{ خشَّعًا أَبْصَارُهُمْ } أي : ذليلة أبصارهم { يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ } وهي : القبور ، { كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ } أي : كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب إجابة للداعي { جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ } في الآفاق ،

ولهذا قال : { مُهْطِعِينَ }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{خُشَّعًا أَبۡصَٰرُهُمۡ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ كَأَنَّهُمۡ جَرَادٞ مُّنتَشِرٞ} (7)

ورابعها : { خشعاً أبصارهم } أي ذليلة ينظرون من طرف خفي لا تثبت أحداقهم في وجُوه الناس ، وهي نظرة الخائف المفتضح وهو كناية لأن ذلة الذليل وعزة العزيز تَظهران في عيونهما .

وخامسها : تشبيههم بالجراد المنتشر في الاكتظاظ واستتار بعضهم ببعض من شدة الخوف زيادة على ما يفيده التشبيه من الكثرة والتحرك .

وسادسها : وصفهم بمهطعين ، والمُهطع : الماشي سريعاً مادًّا عنقه ، وهي مشيئة مذعور غير ملتف إلى شيء ، يقال : هطع وأهطع .

وسابعها : قولهم : { هذا يوم عسر } وهو قولٌ من أثر ما في نفوسهم من خوف . و { عسر } : صفة مشبهة من العُسر وهو الشدة والصعوبة . ووصف اليوم ب { عسر } وصف مجازي عقلي باعتبار كونه زماناً لأمور عسرة شديدة من شدة الحساب وانتظار العذاب .

وأبهم { شيء نكر } للتهويل ، وذلك هو أهوال الحساب وإهانة الدفع ومشاهدة ما أُعد لهم من العذاب .

وانتصب { خشعاً أبصارهم } على الحال من الضمير المقدر في { يدع الداع } وإمّا من ضمير { يخرجون } مقدماً على صاحبه .

وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم وأبو جعفر { خشعاً } بصيغة جمع خاشع . وقرأه أبو عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف { خَاشِعاً } بصيغة اسم الفاعل . قال الزجاج : « لك في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيدُ والتذكيرُ نحو خاشعاً أبصارُهم . ولك التوحيد والتأنيث نحو قراءة ابن مسعود { خاشعة أبصارهم } ولك الجمع نحو { خشعاً أبصارهم } اهـ .

و { أبصارهم } فاعل { خشعاً } ولا ضير في كون الوصف الرافع للفاعل على صيغة الجمع لأن المحْظور هو لحاق علامة الجمع والتثنية للفعل إذا كان فاعله الظاهر جمعاً أو مثنى ، وليس الوصف كذلك ، كما نبه عليه الرضِيُّ على أنه إذا كان الوصف جمعاً مكسَّراً ، وكان جارياً على موصوف هو جمع ، فرفع الاسم الظاهر الوصف المجموع أولى من رفعه بالوصف المجموع المفرد على ما اختاره المبرد وابن مالك كقول امرىء القيس :

وقوفاً بها صحبي على مطيّهم

وشاهد هذا القراء .

وقوله : { يقول الكافرون } إظهار في مقام الإِضمار لوصفهم بهذا الوصف الذميم وفيه تفسير الضمائر السابقة .

والأجداثُ : جمع جَدث وهو القبر ، وقد جعل الله خروج الناس إلى الحشر من مواضع دفنهم في الأرض ، كما قال : { منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى } [ طه : 55 ] فيعاد خلق كل ذات من التراب الذي فيه بقية من أجزاء الجسم وهي ذرات يعلمها الله تعالى .

والجراد : اسم جمع واحدُهُ جرادة وهي حشرة ذات أجنحة أربعة مطوية على جنبيها وأرجل أربعة ، أصفر اللون .

والمنتشر : المنبثّ على وجه الأرض . والمراد هنا : الدَّبَى وهو فراخ الجراد قبل أن تظهر له الأجنحة لأنه يخرج من ثُقببٍ في الأرض هي مَبيضاتُ أصوله فإذا تم خلقه خرج من الأرض يزحف بعضه فوق بعض قال تعالى : { يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } [ القارعة : 4 ] . وهذا التشبيه تمثيلي لأنه تشبيه هيئة خروج الناس من القبور متراكمين بهيئة خروج الجراد متعاظلاً يسير غير ساكن .