المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ} (2)

2- أقسم بالقلم الذي يكتب به الملائكة وغيرهم ، وبما يكتبونه من الخير والمنافع ، ما أنت - وقد أنعم الله عليك بالنبوة - بضعيف العقل ، ولا سفيه الرأي .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ} (2)

وجواب القسم قوله : { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } .

أي : وحق القلم الذي يكتب به الكاتبون من مخلوقاتنا المتعددة ، إنك - أيها الرسول الكريم - لمبرأ مما اتهمك به أعداؤك من الجنون ، وكيف تكون مجنونا وقد أنعم الله - تعالى - عليك بالنبوة والحكمة .

فالمقصود بالآيات الكريمة تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما أصابه من المشركين ، ودفع تهمهم الباطلة دفعا يأتي عليها من القواعد فيهدمها ، وإثبات أنه رسول من عنده - تعالى - .

وأقسم - سبحانه - بالقلم ، لعظيم شرفه ، وكثرة منافعه ، فبه كتبت الكتب السماوية ، وبه تكتب العلوم المفيدة . . وبه يحصل التعارف بين الناس . .

وصدق الله إذ يقول : { اقرأ وَرَبُّكَ الأكرم . الذى عَلَّمَ بالقلم . عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ } قال القرطبى : أقسم - سبحانه - بالقلم . لما فيه من البيان كاللسان . وهو واقع على كل قلم مما يكتب به من في السماء ومن في الأرض ، ومنه قول أبى الفتح البستى :

إذا أقسم الأبطال يوما بسيفهم . . . وعدُّوه مما يُكْسِبُ المجد والكرَمْ

كفى قلم الكتاب عزا ورفعة . . . مدى الدهر أن الله أقسم بالقلَمْ

والضمير في قوله : { يَسْطُرُونَ } راجع إلى غير مذكور في الكلام ، إلا أنه معلوم للسامعين ، لأن ذكر القلم يدل على أن هناك من يكتب به .

ونفى - سبحانه - عنه صلى الله عليه وسلم الجنون بأبلغ أسلوب ، لأن المشركين كانوا يصفونه بذلك ، قال - تعالى - . { وَإِن يَكَادُ الذين كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُواْ الذكر وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ } قال الآلوسي : قوله : { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } . جواب القسم ، والباء الثانية مزيدة لتأكيد النفي . ومجنون خبر ما ، والباء الأولى للملابسة ، والجار والمجرور في موضع الحال من الضمير في الخبر ، والعامل فيها معنى النفي .

والمعنى : انتفى عنك الجنون في حال كونك ملتبسا بنعمة ربك أي : منعما عليك بما أنعم من حصافة الرأي ، والنبوة . .

وفي إضافته صلى الله عليه وسلم إلى الرب - عز وجل - مزيد إشعار بالتسلية والقرب والمحبة . ومزيد إشعار - أيضا - بنفي ما افتراه الجاهلون من كونه صلى الله عليه وسلم مجنونا ، لأن هذه الصفة لا تجتمع في عبد أنعم الله - تعالى - عليه ، وقربه ، واصطفاه لحمل رسالته وتبليغ دعوته .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ} (2)

وقوله : { مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } أي : لست ، ولله الحمد ، بمجنون ، كما قد يقوله الجهلة من قومك ، المكذبون بما جئتهم به من الهدى والحق المبين ، فنسبوك فيه إلى الجنون ،

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مَآ أَنتَ بِنِعۡمَةِ رَبِّكَ بِمَجۡنُونٖ} (2)

وقوله : { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } هو جواب القسم و { ما } هنا عاملة لها اسم وخبر ، وكذلك هي حيث دخلت الباء في الخبر ، وقوله : { بنعمة ربك } اعتراض ، كما يقول الإنسان : أنت بحمد الله فاضل .

وسبب هذه الآية ، أن قريشاً رمت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنون ، وهو ستر العقول ، بمعنى أن كلامه خطأ ككلام المجنون ، فنفى الله تعالى ذلك عنه وأخبره بأن له الأجر ، وأنه على الخلق العظيم ، تشريفاً له ومدحاً .