ثم أكد - سبحانه - كذبهم بإضراب آخر عن أقوالهم فقال : { بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرسول والمؤمنون إلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السوء وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً } والبور فى الأصل : مصدر كالهُلْكِ ، يوصف به المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث .
وهو هنا مستعمل بمعنى اسم الفاعل وقيل : هو جمع بائر ، كحائل وحول .
قال صاحب الكشاف والبور من بار ، كالهُلْكِ من هَلَك بناء ومعنى ، ولذلك وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث . ويجوز أن يكون جمع بائر كعائد وعوذ . .
والمعنى : ليس الأمر كما زعمتم - أيها المخلفون - من أن أموالاكم وأولادكم هى التى شغلتكم عن الخروج مع رسولكم - صلى الله عليه وسلم - ولكن الحق أنكم ظننتم أن العدو سيستأصل شأفة المؤمنين بالقتل والإِهلاك . وأنهم لن يعودوا بعد ذلك إلى أهليهم أبدا . .
وزين الشيطان هذا الظن الفاسد فى قلوبكم ، ومكنه من نفوسكم فقبعتم فى دياركم ، وظننتم ، فى كل ما يتعلق بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وبأتباعه الصادقين { ظَنَّ السوء } أى : الظن الذى كله سوء وشر ومنكر .
{ وَكُنتُمْ } فى علم الله - تعالى - وحكمه { قَوْماً بُوراً } أى : قوما هالكين فاسدين ، لا تصلحون لشئ من الخير ، ولا تستحقون إلا الخزى والعقاب .
فأنت ترى أن الله - تعالى - قد ذم هؤلاء المتخلفين وفضحهم وتوعدهم بسوء المصير ، لأسباب متعددة ، منها : سوء ظنهم بالله - تعالى - وبرسوله ، - صلى الله عليه وسلم - فقد توهموا أن الرسول والمؤمنين سيقتلون على يد أعدائهم ، وأنهم لن يعودوا إلى أهليهم أبدا .
ومنها : اعتذارهم الكاذب ، بانشغالهم بأموالهم وأهليهم . .
ومنها : تعمدهم الكذب . وتفوههم بالكلام الذى لا يؤيده قلوبهم .
ثم قال : { بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا } أي : لم يكن تخلفكم تخلف معذور ولا عاص ، بل تخلف نفاق ، { بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا } أي : اعتقدتم أنهم يقتلون وتستأصل شأفتهم وتستباد خضراؤهم ، ولا يرجع منهم مخبر ، { وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا } أي : هلكى . قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد . وقال قتادة : فاسدين . وقيل : هي بلغة عمان .
{ بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا } لظنكم أن المشركين يستأصلونهم ، وأهلون جمع أهل وقد يجمع على أهلات كأرضات على أن أصله أهله وأما أهال فاسم جمع كليال . { وزين ذلك في قلوبكم } فتمكن فيها ، وقرئ على البناء للفاعل وهو الله أو الشيطان . { وظننتم ظن السوء } الظن المذكور ، والمراد التسجيل عليه ب { السوء } أو هو وسائر ما يظنون بالله ورسوله من الأمور الزائغة . { وكنتم قوما بورا } هالكين عند الله لفساد عقيدتكم وسوء نيتكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.