تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَجَآءَتۡ سَيَّارَةٞ فَأَرۡسَلُواْ وَارِدَهُمۡ فَأَدۡلَىٰ دَلۡوَهُۥۖ قَالَ يَٰبُشۡرَىٰ هَٰذَا غُلَٰمٞۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَٰعَةٗۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (19)

{ وجاءت سيارة } ، وهي : العير ، وقالوا : رفقة من العرب ، فنزلوا على البئر يريدون مصر ، { فأرسلوا واردهم } ، فبعثوا رجلين : مالك بن دعر ، وعود بن عامر ، إلى الماء ، { فأدلى } أحدهم { دلوه } ، واسمه مالك بن دعر بن مدين بن إبراهيم خليل الرحمن ، فتعلق يوسف بالدلو ، فصاح مالك { قال } ، فقال : يا عود ، للذي يسقي ، وهو عود بن عامر بن الدرة بن حزام ، { يا بشرى } ، يقول : ما مالك أبشر ، { هذا غلام } ، والجب بواد في أرض الأردن يسمى ادنان .

فبكى يوسف ، عليه السلام ، وبكى الجب لبكائه ، وبكى مد صوته من الشجر والمدر والحجارة ، وكان إخوته لما دلوه في البئر ، تعلق يوسف في شفة البئر ، فعمدوا إليه فخلصوا قميصه وأوثقوا يده ، فقال : يا إخوتاه ، ردوا علي القميص أتوارى به في البئر ، فقالوا له : ادع الأحد عشر كوكبا والشمس والقمر يؤنسونك ، فلما انتصف في الجب ألقوه ، حتى وقع في البئر ، فأدلوه في قعرها ، فأراد أن يموت ، فدفع الله عنه ، ودعا يوسف ربه حين أخرجه مالك أن يهب لمالك ولدا ، فولد له أربعة وعشرون ولدا .

قوله : { وأسروه بضعة } ، يعنى : أخفوه من أصحابهم الذين مروا على الماء في الرفقة ، وقالوا : هو بضاعة لأهل الماء نبيعه لهم بمصر ؛ لأنهما لو قالا : إنا وجدناه أو اشتريناه ، سألوهما الشركة فيه ، { والله عليم بما يعملون } ،آية ، يعنى : بما يقولون من الكذب .