تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَجَآءَتۡ سَيَّارَةٞ فَأَرۡسَلُواْ وَارِدَهُمۡ فَأَدۡلَىٰ دَلۡوَهُۥۖ قَالَ يَٰبُشۡرَىٰ هَٰذَا غُلَٰمٞۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَٰعَةٗۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (19)

وقوله تعالى : ( وجاءت سيارة ) السيارة هي جماعة السائرين كالمسافرة[ في الأصل وم : كالمسافر ] ( فأرسلوا واردهم ) الوارد هو طالب الماء ومستقيه ( فأدلى دلوه ) أي أرسل دلوه في البئر [ فلما ][ ساقطة من الأصل وم ] وجده ( قال يا بشرى هذا غلام ) قال بعضهم ( يا بشرى ) هو اسم ذلك الرجل الذي كان مع المدلي الدلو ، فقال له ( يا بشرى هذا غلام ) كما يقال : يا فلان هذا غلام . وقال بعضهم : هو من البشارة ؛ كأنه قال : أبشر بهذا الغلام .

وفي بعض القراءات[ في الأصل وم : القراءة ) : ( يا بشراي ) على الإضافة[ انظر معجم القراءات القرآنية ج3/157 ] إلى نفسه ؛ فكأنه بشر نفسه ، أي البشرى لي بهذا الغلام .

ويشبه أن يكون كناية كلام كان هنالك ، لم يبين لنا ذلك ، والله أعلم بذلك ، كقوله : ( وقاسمهما ) [ الأعراف : 21 ] أخبر أنه أقسم ، لكن لم يبين لنا ما ذلك القسم ؟

وقوله تعالى : ( وأسروه بضاعة ) قال بعضهم : الإسرار هو اسم الإخفاء والإظهار جميعا كقوله : ( وأسروا الندامة لما رأوا العذاب )[ سبأ : 33 ] أي أظهروا الندامة . فإن كان ما ذكر أنه اسم لهما جميعا فكأنه قال : أظهروه[ في الأصل وم : أظهروا ] بضاعة . فإن كان على حقيقة الإخفاء والإسرار[ من م ، في الأصل : والإظهار ] فهو على الإضمار كأنه قال : ( وأسروه ) على ما كان ، وأظهروا ( بضاعة ) لئلا يطلب أصحابهم في ذلك شركة ( والله عليم بما يعملون ) أي عليم بما عمل إخوة يوسف بيوسف ، أو عليم بما عمل السيارة من الإسرار والإظهار ، والله أعلم .