مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَجَآءَتۡ سَيَّارَةٞ فَأَرۡسَلُواْ وَارِدَهُمۡ فَأَدۡلَىٰ دَلۡوَهُۥۖ قَالَ يَٰبُشۡرَىٰ هَٰذَا غُلَٰمٞۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَٰعَةٗۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (19)

{ وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ } رفقة تسير من قبل مدين إلى مصر وذلك بعد ثلاثة أيام من إلقاء يوسف في الجب ، فأخطأوا الطريق فنزلوا قريباً منه ، وكان الجب في قفرة بعيدة من العمران وكان ماؤه ملحاً فعذب حين ألقي فيه يوسف { فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ } هو الذي يرد الماء ليستقي للقوم اسمه مالك بن ذعر الخزاعي { فأدلى دَلْوَهُ } أرسل الدلو ليملأَها فتشبث يوسف بالدلو فنزعوه { قَالَ بُشْرىً } كوفي نادى البشرى كأنه يقول : تعالى فهذا أوانك . غيرهم { بشراي } على إضافتها لنفسه أو هو اسم غلامه فناداه مضافاً إلى نفسه { هذا غُلاَمٌ } قيل : ذهب به فلما دنا من أصحابه صاح بذلك يبشرهم به { وَأَسَرُّوهُ } الضمير للوارد وأصحابه أخفوه من الرفقة ، أو لأخوة يوسف فإنهم قالوا للرفقة : هذا غلام لنا قد أبق فاشتروه منا ، وسكت يوسف مخافة أن يقتلوه { بضاعة } حال أي أخفوه متاعاً للتجارة ، والبضاعة ما بضع من المال للتجارة أي قطع { والله عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } بما يعمل أخوة يوسف بأبيهم وأخيهم من سوء الصنيع