غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَجَآءَتۡ سَيَّارَةٞ فَأَرۡسَلُواْ وَارِدَهُمۡ فَأَدۡلَىٰ دَلۡوَهُۥۖ قَالَ يَٰبُشۡرَىٰ هَٰذَا غُلَٰمٞۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَٰعَةٗۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (19)

1

ثم شرع في حكاية خلاص يوسف فقال : { وجاءت سيارة } عن ابن عباس : قوم يسيرون من مدين إلى مصر وذلك بعد ثلاثة أيام من إلقاء يوسف في الجب فأخطئوا الطريق فنزلوا قريباً منه ، وكان الجب في قفرة بعيدة عن العمران لم يكن إلا للرعاة . وقيل : كان ماؤه ملحاً فعذب حين ألقي فيه يوسف . { فأرسلوا واردهم } رجلاً يقال له مالك بن ذعر الخزاعي ليطلب لهم الماء . ومعنى الوارد الذي يرد الماء ليستقي للقوم { فأدلى دلوه } أرسلها في البئر . قال الواحدي : فإذا نزعها وأخرجها قيل دلا يدلو . { قال يا بشرى } التقدير فظهر يوسف فقال الوارد : يا بشرى كأنه ينادي البشرى ويقول تعالي فهذا أوانك . ومتى قال الوارد هذا الكلام ؟ قال جمع من المفسرين : حين رأى يوسف متعلقاً بالحبل . وقال آخرون : لما دنا من أصحابه صاح بذلك يبشرهم به . قال السدي : كان للوارد صاحب يقال له بشرى فنادى يا بشرى كما يقال يا زيد . والأكثرون على أنها بمعنى البشارة . فقال أبو علي : يحتمل أن يكون منادى مضموماً مثل يا رجل وأن يكون منصوباً مثل يا رجلاً كأنه جعل ذلك النداء شائعاً في جنس البشرى . ومن قرأ بالإضافة فنصبه ظاهر . والضمير في { وأسروه } إما عائد إلى الوارد وأصحابه أي أخفوه من الرفقة لئلا يدعوا المشاركة في الالتقاط ، أو في الشراء إن قالوا اشتريناه . وطريق الإخفاء أنهم كتموه من الرفقة أو قالوا إن أهل الماء جعلوه بضاعة عندنا على أن نبيعه لهم بمصر ، وإما عائد الى إخوة يوسف بناء على ما روي عن ابن عباس أنهم قالوا للرفقة : هذا غلام لنا قد آبق فاشتروه منا ، وسكت يوسف مخافة أن يقتلوه ، ولعل الوجه الأول أولى بدليل قوله { بضاعة } وهي نصب على الحال أي أخفوه متاعاً للتجارة . وأصل البضع القطع والبضاعة قطعة من المال للتجارة والله تعالى أعلم . { والله عليم بما يعملون } فيه وعيد إما للوارد وأصحابه حيث استبضعوا ما ليس لهم أو لإخوة يوسف وذلك ظاهر ، وفيه أن كيد الأعداء لا يدفع شيئاً مما علم الله من حال المرء .

/خ20