النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَجَآءَتۡ سَيَّارَةٞ فَأَرۡسَلُواْ وَارِدَهُمۡ فَأَدۡلَىٰ دَلۡوَهُۥۖ قَالَ يَٰبُشۡرَىٰ هَٰذَا غُلَٰمٞۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَٰعَةٗۚ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (19)

قوله عز وجل : { وجاءت سيارةٌ فأرسلوا واردهم } وهو الذي يرد أمامهم الماء ليستقي لهم . وذكر أصحاب التواريخ أنه مالك بن ذعر بن حجر بن يكه{[1428]} بن لخم .

{ فأدلى دلوه } أي أرسلها ليملأها ، يقال أدلاها إذا أرسل الدلو ليملأها ، ودلاّها إذا أخرجها ملأى .

قال قتادة : فتعلق يوسف عليه السلام بالدلو حين أرسلت . والبئر ببيت المقدس معروف مكانها .

{ قال يا بشرى هذا غلام } فيه قولان :

أحدهما : أنه ناداهم بالبشرى يبشرهم بغلام ، قاله قتادة .

الثاني : أنه نادى أحدهم ، كان اسمه بشرى فناداه باسمه يعلمه بالغلام ، قاله السدي .

{ وأسرُّوه بضاعة } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أن إخوة يوسف كانوا بقرب الجب فلما رأوا الوارد قد أخرجه قالوا هذا عبدنا قد أوثقناه فباعوه وأسرّوا بيعه بثمن جعلوه بضاعة لهم ، قاله ابن عباس .

الثاني : أن الواردين{[1429]} إلى الجُب أسرّوا ابتياعه عن باقي أصحابهم ليكون بضاعة لهم كيلا يشركوهم فيه لرخصه وتواصوا أنه بضاعة استبضعوها من أهل الماء ، قاله مجاهد .

الثالث : أن الذين شروه أسرُّوا بيعه على الملك حتى لا يعلم به أصحابهم وذكروا أنه بضاعة لهم .

وحكى جويبر عن الضحاك أنه ألقيَ في الجب وهو ابن ست سنين ، وبقي فيه إلى [ أن ] أخرجته السيارة منه ثلاثة أيام .

وقال الكلبي : ألقي فيه وهو ابن سبع عشرة سنة{[1430]} .


[1428]:في تفسير الكشاف: مالك بن ذعر الخزامي.
[1429]:هذا هو الراجح لأن الحديث عن الوارد وأصحابه.
[1430]:سقط من ق.